طهران | سجّل «المحافظون» المعارضون لحكومة الرئيس الإيراني، حسن روحاني، فوزاً ساحقاً في الدورة الـ11 لانتخابات «مجلس الشورى الإسلامي» (البرلمان)، والتي شهدت أدنى نسبة من المشاركة الجماهيرية فيها. ووفقاً للنتائج النهائیة التي أعلن عنها المتحدث باسم لجنة الانتخابات، سيد إسماعيل موسوي، أمس، فإن المترشحين الـ30 الذين نالوا أكبر عدد من الأصوات في العاصمة طهران كانوا من قائمة «الأصوليين» (تيار المحافظين)، فيما في الانتخابات الماضية فاز كلّ المرشحين الـ30 على قائمة «الإصلاحيين». ووفقاً للنتائج المعلنة، فإن كلّاً من محمد باقر قاليباف، وسيد مصطفى مير سليم، ومرتضى آقاطهراني، وهم من قائمة «الأصوليين»، هم الأشخاص الثلاثة الأوائل من طهران. ولم يستطع «الإصلاحيون» الذين خاضوا الانتخابات بقائمتين منفصلتين في طهران، إرسال حتى مرشح واحد منهم إلى البرلمان.ويعزو «الإصلاحيون» هزيمتهم إلى رفض «مجلس صيانة الدستور» أهلية مرشحيهم الرئيسين. ويقولون إن 150 دائرة انتخابية من أصل 208 لم تشهد تنافساً، وكان واضحاً سلفاً أن المرشحين «الأصوليين» سيسجلون الفوز فيها. ويرى مراقبون أن الاستياء من أداء حكومة روحاني، المدعومة من «الإصلاحيين»، وكذلك الانتقادات المُوجّهة لأداء البرلمان العاشر، شكّلا سببين آخرين لإخفاق «الإصلاحيين» في هذه الدورة. ويُعدّ وزير الصحة في حكومة محمد خاتمي، مسعود بزشكيان، ونائب رئيس البرلمان الحالي، واحداً من «الإصلاحيين» القلائل الذين فازوا بمقعد في هذه الانتخابات، إذ تَصدّر الأصوات التي تمّ فرزها في مدينة تبريز، بينما النواب الأربعة الفائزون الآخرون في المدينة هم «أصوليون».
ومن قم، فاز كلّ من: أحمد أمير آبادي، ومجتبی ذو النوري، وعلي رضا زاكاني، وهم ثلاث شخصيات «أصولية» بارزة. واستطاع 14 من المسؤولين السابقين أيام حكومة محمود أحمدي نجاد الفوز، وهم الذين خاضوا الانتخابات بصورة مستقلة ولم ترد أسماء أيّ منهم في القوائم. ومن بين هؤلاء: وزير الاقتصاد في حكومة نجاد شمس الدين حسيني، رئيس مؤسسة الطاقة الذرية في عهد نجاد فريدون عباسي، ووزير الطرق والمواصلات في حكومة نجاد علي نيكزاد. وفي ما عدا ممثلي الأقليات الدينية، فقد أصبح من المؤكد دخول 221 «أصولياً» و16 «إصلاحياً» و34 مستقلاً إلى البرلمان (من أصل 290 مقعداً)، على أن يتمّ حسم مصير بقية المقاعد في الجولة الثانية من الانتخابات المقرّرة في 17 نيسان / أبريل المقبل. وبحسب قانون الانتخابات، فإن المرشحين الذين لا يستطيعون نيل 20 في المائة من الأصوات ينتقلون إلى الجولة اللاحقة من الانتخابات.

مشاركة متدنية
أعلن وزير الداخلية، عبد الرضا رحماني فضلي، في مؤتمر صحافي أمس، أن نسبة المشاركة بلغت 42.57 في المئة. ما يعني تراجع المشاركة بنسبة 20 في المائة مقارنة بالدورة السابقة. وبلغ عدد الناخبين المؤهلين للمشاركة في هذه الدورة 57 مليوناً و918 ألف شخص. وقال رحماني فضلي إن إجمالي عدد الناخبين الذين شاركوا في الاقتراع بلغ 24 مليوناً و512 ألفاً و204 ناخبين، وبلغت نسبة مشاركة المرأة 48 في المئة، فيما بلغت نسبة مشاركة الرجال 52 في المئة.
وأشار إلى ظروف إجراء الانتخابات، كقضية فيروس كورونا ومشاكل الطقس والأنواء الجوية، وكذلك قضية تحطم الطائرة الأوكرانية، والتي أثرت على الأجواء العامة على الرغم من رغبة الشعب، «ونظراً إلى الظروف الراهنة، فإن حجم الأصوات والمشاركة الشعبية مقبول بشكل كامل، والجماهير مستعدة للمشاركة في مختلف الظروف».
أصبح من المؤكد دخول 221 «أصولياً» و16 «إصلاحياً» و34 مستقلاً إلى البرلمان


من جهة أخری، وصفت وكالة «أنباء فارس» التابعة للحرس الثوري انخفاض نسبة المشاركة مقارنة بالدورات السابقة بـ«الهبوط الشديد»، فيما نشر رئيس تحرير صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس»، عبد الله كنجي، على صفحته في «تويتر» استطلاعاً دعا فيه الإيرانيين إلى إبداء رأيهم حول سبب تدنّي المشاركة، وكانت الإجابات التي اقترحها هي: «رفض الأهلية، الضغوطات الاقتصادية، الفزع من فيروس كورونا، الأحداث المرّة للعام الجاري». وُتعدّ نسبة 42 في المائة أدنى نسبة للمشاركة في الانتخابات التشريعية منذ قيام الجمهورية الإسلامية. وكانت الدورة السابقة للانتخابات البرلمانية قد شهدت مشاركة جماهيرية بلغت نسبتها 62 في المئة. وقبل هذا، فإن أدنى نسبة للمشاركة سجّلت في انتخابات البرلمان السابع (51.21 في المائة)، وأعلى نسبة في انتخابات البرلمان الخامس (71.1 في المئة).

التكهنات
مع اتضاح التركيبة العامة للبرلمان، فإن التكهّنات والتحليلات بدأت تتركز على خيارات رئاسته، وطبيعة المواجهة التي سيخوضها النواب مع حكومة حسن روحاني. وسيبدأ البرلمان الجديد مهامّ عمله بعد نحو ثلاثة أشهر من الآن، على أن تتّضح في جلساته الأولى تركيبة الهيئة الرئاسية من خلال تصويت النواب. وكانت التوقعات تفيد في وقت سابق بأن قاليباف هو الأوفر حظاً لتسنم الرئاسة. كما يُعدّ مرتضى آقاتهراني، ومصطفى مير سليم، وعليرضا زاكاني، من الخيارات المحتملة الأخرى لتولّي الرئاسة أو منصب نائب الرئيس.
الرئيس حسن روحاني، الذي يخضع لضغوط بسبب تصاعد الاستياء العام من حكومته وكذلك زيادة العقوبات الأميركية، سيمرّ بأيام عصيبة مع فوز معارضيه بالبرلمان. ويعمل «الأصوليون»، في ظلّ فوزهم، من الآن، على إعداد أنفسهم لخوض المنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن يبدو أن التحدّي الرئيس يتمثّل في انصراف عدد ملحوظ من الجماهير عن صناديق الاقتراع، وفي حال تكرّر الأمر ذاته في الانتخابات الرئاسية، فإنه قد يؤدي إلى مجيء رئيس بقاعدة شعبية أضيق، في حين أن إيران التي تواجه اليوم ضغوطاً خارجية هي بحاجة إلى «سند جماهيري» أكثر من أيّ وقت مضى. فهل يستطيع «الأصوليون» الفائزون رأب هذا الصدع في مقبل الأيام؟