أبلغت الفيليبين الولايات المتحدة، اليوم الثلاثاء، عزمها على الانسحاب من معاهدة رئيسية ضمن تحالفهما العسكري التاريخي، وبدء العد العكسي لطيّ صفحة الاتفاقية بعد ستة أشهر.وأوعز الرئيس رودريغو دوتيرتي إلى حكومته بإبلاغ الإشعار بالانسحاب من «اتفاقية القوات الزائرة»، عقب غضب إزاء إلغاء واشنطن تأشيرة دخول للمسؤول الذي قاد حرب دوتيرتي على المخدرات، والتي لقيت إدانات عالمية.
ويأتي القرار أيضاً بعد تهديدات متكررة لم تنفذ لدوتيرتي، بخفض أو حتى قطع علاقات الفيليبين مع مستعمرها السابق وأهم حلفائها العسكريين.
وتعدّ اتفاقية القوات الزائرة، المبرمة في 1998، الإطار القانوني لوجود القوات الأميركية على الأراضي الفيليبينية، وتعتبر محورية لمئات التمارين السنوية العسكرية المشتركة التي تعدّ مكوّناً رئيسياً لعلاقات البلدين العسكرية الوثيقة.
ويقتضي الانسحاب من المعاهدة إعطاء مهلة مدتها 180 يوماً، تطلق على الأرجح مرحلة مفاوضات بين الجانبين.
بدورها، قالت السفارة الأميركية في مانيلا، في بيان، إن «هذه خطوة خطيرة لها تداعيات مهمة بالنسبة إلى التحالف الأميركي الفيليبيني»، مضيفة أنها «ستدرس بعناية أكبر الخطوات للمضيّ نحو تعزيز مصالحنا المشتركة».
وتثير الاتفاقية انقسامات في الفيليبين؛ فالمنتقدون اليساريون والقوميون يقولون إنها تضمن معاملة خاصة لعسكريين أميركيين متهمين بجرائم. غير أن المدافعين عن الاتفاقية يقولون إن إلغاءها يمكن أن «يُضعف» قدرة الفيليبين على الدفاع عن نفسها، ويقوّض خطوات واشنطن في مواجهة تصاعد نفوذ الصين، وخصوصاً في بحر الصين الجنوبي.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الفيليبيني تيودورو لوكسين، وهو أحد المدافعين عن المعاهدة أمام النواب الأسبوع الماضي، إن «الاتفاقية أساسية للتحالف الأميركي الذي قدم مئات ملايين الدولارات من الدعم والمعدات والتدريب للقوات الفيليبينية المسلحة»، مضيفاً أن «إلغاء اتفاقية القوات الزائرة ستكون لها تداعيات سلبية على الدفاع والأمن (الفيليبينيين)... إسهامنا في الدفاع الإقليمي يعتمد على تحالفنا العسكري مع القوة العظمى الأخيرة في العالم».
وكان دوتيرتي قد حذر في 2016 من أنه سيلغي الاتفاقية، وكرّر تهديده في خطاب في كانون الثاني/ يناير الماضي. وجاء ذلك بعد إعلان قائد الشرطة الوطنية السابق دونالد ديلا روزا، وهو الآن عضو في مجلس الشيوخ، أن الولايات المتحدة ألغت تأشيرته من دون إبلاغه السبب.
وهو الأمر الذي اعتبره مسؤولون فيليبينيون «عِقاباً» لديلا روزا الذي قاد حملة أدت إلى مقتل الآلاف من مهرّبي المخدرات والتجار والمتعاطين المفترضين.
منذ بروز قضية التأشيرة منع دوتيرتي أعضاء حكومته من السفر إلى الولايات المتحدة، ورفض دعوة للرئيس دونالد ترامب لحضور قمة لدول جنوب شرق آسيا مقررة في لاس فيغاس في آذار/ مارس.
وتمثّل حملة مكافحة المخدرات، التي تحظى بتأييد العديد من الفيليبينيين، المحور الرئيسي في سياسة دوتيرتي، غير أن عمليات القتل التي تنفذها الشرطة تثير إدانة دولية.
ووصل دوتيرتي إلى السلطة عام 2016، واعداً بالقضاء على الاتجار بالمخدرات، وهو ينفذ منذ ذلك الحين حملة قمع واسعة، أدّت إلى قتل عشرات آلاف الأشخاص الذين يشتبه في أنهم مهرّبون ومدمنون.