تتصعّد المواجهة بين الرئيس إيمانويل ماكرون والنقابات الفرنسية، في ظل إصرار كل طرف على تنفيذ تهديداته. آخر أوجه هذه المواجهة الإضراب المفتوح الذي بدأته غالبية النقابات العمالية اليوم رفضاً لمشروع قانون جديد لنظام التقاعد، الذي يُعد واحداً من بين الأوسع نطاقاً في تاريخ فرنسا في تحرك شلّ البلاد بشكل شبه كامل، وكانت حصيلته من الاعتقالات حوالى 65 شخصاً وفق ما أعلنت الشرطة الفرنسية اليوم.وذكرت الشرطة، في تغريدة، على موقع «تويتر» أن عناصرها وقوات الدرك أجروا 6 آلاف و476 عملية تفتيش للمعتصمين واعتقلوا 65 من بينهم، من دون توضيح سبب الاعتقال. ووفق الشرطة، شارك أكثر من 285 ألف شخص في الإضراب في نحو 40 مدينة. وتعطلت حركة المواصلات في باريس، اليوم ، إثر توقف حركة مترو الأنفاق والقطارات الداخلية، على خلفية الإضراب.
ووصف الإعلام الفرنسي حركة القطارات الداخلية في باريس بأنها «شبه منعدمة»، حسبما نقل موقع قناة «فرانس 24». كذلك أعلنت إدارة «برج إيفل» إغلاق المزار السياحي، وقالت في بيان إن الإغلاق سببه «حركة الإضراب المحلي» في البلاد.
وألحقت تظاهرات اليوم ضربة موجعة بقطاع النقل، إذ شارك 82% من سائقي القطارات في الإضرابات، ما أدى إلى إلغاء 80% على الأقل من رحلات قطارات المناطق و90% من القطارات السريعة. وأُغلق في باريس 11 من أصل 16 خطاً في شبكة مترو الأنفاق، بالإضافة إلى إلغاء أكثر من نصف رحلات قطارات «يوروستار» بين باريس ولندن.
كذلك انعدمت حركة السياحة في عدد من المزارات السياحية، بينها متحف «اللوفر». ورجّحت تقارير إعلامية أن يشل الإضراب القطاعات الاقتصادية الحيوية في فرنسا، وعلى رأسها المواصلات. كما علّقت كثير من المدارس عملها اليوم بسبب مشاركة 78% من معلميها في الإضراب، وحذرت نقابات الشرطة من «إغلاق جزئي» لمراكز الشرطة.
من جهتها، نشرت الشرطة 6 آلاف عنصر في باريس، كما طوّقت قصر الرئاسة؛ تحسباً لأي احتجاجات أو أعمال عنف. وتعترض النقابات العمالية على اقتراح الحكومة رفع سن التقاعد الكامل إلى 64 عاماً، مع ترك عمر 62 قانونياً للتقاعد. غير أن هذا الطرح يترتب عليه احتمال أن يكون الراتب التقاعدي غير كامل، وهنا يختار العامل أو الموظف، بين العمر القانوني والعمر الكامل أو «عمر التوازن»، وهو ما اعتبرته النقابات نوعاً من إكراه الفرنسيين على العمل أكثر، أي ما بعد العمر القانوني للتقاعد.
كذلك، شهدت شوارع باريس اليوم الخميس اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين، واستخدمت الشرطة الغاز المسيّل للدموع ضد المحتجين الذين كان بينهم عمال السكك الحديدية ومعلمون وموظفون في القطاع الصحي، شاركوا في احتجاجات هي الأكبر منذ عقود. حيث إن فرنسا تشهد منذ نحو عام، احتجاجات عمالية اعتراضاً على بعض الإجراءات الحكومية، أبرزها حراك «السترات الصفراء» الذي ينظم مسيراته أيام السبت من كل أسبوع.