استكمالاً للتظاهرات الضخمة والتحرّكات الاحتجاجية التي تشهدها برشلونة منذ 14 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أغلق اليوم المحتجون في إقليم كتالونيا شرقي إسبانيا، طريقاً سريعاً رئيسياً على الحدود مع فرنسا؛ احتجاجاً على سجن سياسيين مؤيّدين لانفصال الإقليم. وأفادت هيئة النقل في كتالونيا، عبر حسابها على موقع «تويتر»، بأنّ الإغلاق يؤثر على حركة النقل في كلّ من إسبانيا وفرنسا.هذا الإغلاق جاء بناءً على دعوة من حركة انفصالية في الإقليم تسمّي نفسها «تسونامي الديمقراطية» التي تنظّم احتجاجاتٍ ضدّ قرار المحكمة العليا الإسبانية، الشهر الماضي، حبس 9 سياسيين كتالونيين. وقالت الحركة، في بيان نشرته، إن «الاحتجاج يهدف إلى أن يكون دعوة للمجتمع الدولي لجعل الدولة الإسبانية تدرك أن السبيل الوحيد هو الحوار».

«تصدّر اليسار من دون أغلبية»
تحرّكات اليوم، تأتي بعد يوم واحد من الانتخابات البرلمانية الإسبانية؛ حيث تصدر حزب «العمال الاشتراكي» (يسار) الانتخابات برئاسة رئيس الوزراء المنتهية ولايته بيدرو سانشيز؛ إثر فوزه بـ120 مقعداً، من دون تحقيق النصاب الذي يخوّله تشكيل الحكومة بمفرده. فيما حلّ حزب «الشعب المحافظ» في المركز الثاني بـ87 مقعداً، وحزب «بوكس» اليميني المتطرّف في المركز الثالث بـ52 مقعداً؛ في صعود لافت للأخير حيث كان يحظى بـ24 مقعداً فقط، وذلك وفق نتائج غير رسمية بعد فرز 99.9% من الأصوات، وفق وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية.
ويواجه «الاشتراكيون» في إسبانيا محادثات صعبة لتشكيل حكومة، حيث يحتاج حزب «العمال» الاشتراكي إلى 176 مقعداً على الأقل من أجل تشكيل حكومة بمفرده. والكتلتان اليسارية واليمينية بعيدتان عن الأغلبية المطلقة في البرلمان المؤلف من 350 مقعداً بعد انتخابات الأحد، ما يطيل الأزمة السياسية في رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، بعد نتيجة مماثلة في الانتخابات السابقة التي جرت في نيسان/أبريل الماضي.
يُذكر أن سانشيز كان قد دعا لإعادة الانتخاب ــــ في المرة الرابعة التي يقترع فيها الإسبان في أربع سنوات ـــ بعد أن أخفق حزبه الاشتراكي في التوصل إلى اتّفاق مع أطراف أخرى لتشكيل أغلبية برلمانية في نيسان/أبريل. ولكن مراهنته لم تأتِ بالنتائج المطلوبة، فلم يحصل الاشتراكيّون سوى على 120 مقعداً بعدما كانوا يشغلون 123 مقعداً، في وقتٍ تقدّم محافظو الحزب «الشعبي» من 66 إلى 88 مقعداً و«فوكس» من 24 إلى 52 مقعداً متقدِّماً على حزب «بوديموس» (يسار راديكالي) الذي تراجع من 42 إلى 35 مقعداً.
ويعكس تقدّم الحزب «الشعبي» وحزب «فوكس» المكاسب التي حققتها الأحزاب اليمينية المتطرّفة في أنحاء أوروبا. ودعا زعيم «بوديموس» بابلو اغليسياس، اليسار إلى الاتّحاد هذه المرة، قائلاً إنه مستعدّ لبدء التفاوض مع سانشيز، إلّا أن حزبيهما معاً بحاجة إلى دعم العديد من الأحزاب الأصغر لبناء أغلبية من 176 مقعداً في البرلمان. في حين استفاد التيار اليميني المتطرّف من أزمة إقليم كتالونيا المتزايدة، بعد أن تعهد بتبنّي خط متشدّد بشأن مساعي الإقليم للانفصال.