نتنياهو: الواقع يفرض علينا التعاظم والتسلّح وتزويد جنودنا بأدوات دفاعية وهجومية
أجملَ نتنياهو القراءة الإسرائيلية للتطوّرات التي شهدتها البيئة الإقليمية في أكثر من مناسبة، من بينها، مرة أمام أعضاء حزب «الليكود»، وأخرى أمام «الكنيست». حذّر رئيس وزراء العدو في الأولى من أن المنطقة شهدت «حدثاً ما في الأسابيع الأخيرة. أصغوا لي جيداً. هذا شرق أوسط آخر، يحدث هنا شيء ما. شرق أوسط يتغيّر، وهو يتغيّر بسرعة». ثم أوضح هذا المستجدّ أمام «الكنيست» بالقول: «إننا نواجه تحدّياً أمنياً ضخماً آخذاً في التنامي من أسبوع إلى أسبوع، وتعاظم في الشهرين الأخيرين، وبشكل خاص في الأسابيع الأخيرة... إيران آخذة في التسلّح والاستقواء. جرأتها ووقاحتها آخذتان في التزايد. هي تهاجم ممرّات الملاحة الدولية، وتهاجم شبه الجزيرة العربية، وتهاجم في كل مكان. وهي ترسل مبعوثيها إلى كل مكان، وهي هاجمت مباشرة أيضاً طائرات أميركية، والآن حقول النفط السعودي». يؤكد حديث نتنياهو اتساع هامش المبادرة العملانية لدى إيران، وتفكيكها الطوق الردعي الذي أرادت الولايات المتحدة تقييدها به، وهو ما يؤشر إلى تبدّد الرهان على وقف دعمها لحلفائها في المنطقة والحدّ من تعاظم قدراتهم.
حاول نتنياهو أمام أعضاء «الليكود»، أن يكون لطيفاً في التقييم، وعاماً في رسائله، حيث قال: «لا تُخطئوا، أنا جداً أقدّر الضغط الاقتصادي الذي يمارسه صديقنا الكبير الرئيس ترامب ضد إيران»، لكنه كان صريحاً في الإشارة إلى انكفاء الولايات المتحدة بالقول إنه «في الشرق الأوسط توجد قوة واحدة فقط تقف عسكرياً ضد إيران، وهي نحن». يعبّر موقف نتنياهو عن السيناريو الأسوأ الذي كانت تخشى منه تل أبيب، وهو تراجع النفوذ الأميركي في المنطقة، وانعكاساته السلبية على الأمن القومي الإسرائيلي. يفرض ذلك الواقع على مؤسسة القرار في تل أبيب بلورة خيارات بديلة، تتلاءم مع حجم التحدّي الكامن في تبدّد الرهان على خيار الضغوط القصوى الأميركية، والذي تجلّى في استمرار تقدّم إيران في برنامجها النووي الذي يكاد أن يبلغ مرحلة حسّاسة مع الخطوة الرابعة المنتظرة الشهر المقبل، وفي ارتقاء الرسائل العملانية لحلفاء إيران في المنطقة (ضربة أرامكو نموذجاً). وفي هذا الإطار، قال نتنياهو إن إسرائيل «ستضطرّ في الفترة القريبة جداً إلى اتخاذ قرارات قاسية جداً»، أشار إلى بعض خطوطها العامة أمام «الكنيست»، حيث رأى أن «هذا الواقع يفرض علينا التعاظم والتسلّح، وتزويد جنودنا بأدوات دفاعية وهجومية، من حيث الحجم والقوة والنوعية، لم نشهدها من قبل، تذكّروا وسجّلوا كلامي».
وكان رئيس أركان جيش العدو أفيف كوخافي، تناول في خطته التي طرحها مطلع السنة الجارية، التطوّر النوعي في قدرات أعداء إسرائيل، وتقليصهم الهوّة مع الجيش الإسرائيلي، مشدداً على ضرورة التحرك السريع المضادّ. لكن التحرك الذي تحدث عنه كوخافي، وبعده نتنياهو، يتطلّب نفقات مالية متناسبة. وفي هذا الإطار، وتفادياً لأي أوهام، أشار نتنياهو إلى أن إسرائيل تحتاج إلى نفقات أمنية لم تسجّلها منذ حرب عام 1973، مبرراً ذلك بأن «الواقع تغيّر، ويتطلّب قرارات قاسية جداً». هكذا، تجد إسرائيل نفسها أمام تحدٍّ يتطلّب التقشّف في النفقات، تفادياً لارتفاع مستوى العجز في الموازنة عن 4% من الناتج المحلي. ومع أن الاقتصاد الاسرائيلي أكبر قدرة حالياً على تحمل نفقات إضافية؛ كونه أكثر تطوّراً مما كان عليه قبل عشرات السنوات، إلا أن نتنياهو لم يخفِ المشكلة الكامنة في رفع نسبة الموازنة الأمنية، كون هذا الأمر سيأتي على حساب مجالات اجتماعية، وهو ما أشار إليه في كلمته حيث قال: «لا توجد طريقة كي نضيف هذه المليارات مراراً، من دون أن نأخذها من مكان. اتخاذ هذا القرار قاسٍ بما لا يُقاس. (لكنه) قرار ينبغي اتخاذه على المستوى القومي الأعلى».