تتمسّك طهران باستراتيجيتها لتقليص الالتزام تدريجاً بالاتفاق النووي، كما تصرّ واشنطن على سياسة «الضغوط القصوى» المتواصلة عبر فرض العقوبات. لكن السياسة التصعيدية للطرفين لا تزال تترك الباب مفتوحاً أمام الاتصالات الفرنسية، سواء في ملف المفاوضات الإيرانية الأوروبية حول الاتفاق، أو ملف التصعيد الإيراني الأميركي. وهما ملفان باتا بحكم مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، متّصلين ويسيران بالتوازي بشكل أو بآخر.وأمس، في ختام اجتماع رؤساء السلطات الثلاث في إيران، أعلن الرئيس حسن روحاني أن «الخطوة الثالثة» لتخفيف الالتزامات بالاتفاق ستعلن تفاصيلها في الساعات المقبلة وستبدأ الجمعة، وزاد بالقول: «ستكون أهم خطوة اتخذتها إيران في خفض التزاماتها النووية، وستكون لها نتائج استثنائية، وستزيد من سرعة عمل منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وتفعيل نشاطاتها بصورة أكبر، أي إن الإجراء الإيراني الذي سيعلن اليوم أو غداً سيجعل المنظمة تسير بسرعة استثنائية للوصول إلى أهدافها» من دون توضيح تفاصيل سوى أن الخطوة تشمل «تطوير أجهزة الطرد المركزي». والخطوة التي تأتي بعد 60 يوماً من «الخطوة الثانية» المماثلة حين زادت السلطات الإيرانية من نسبة تخصيب اليورانيوم، ستفتح بدورها مهلة 60 يوماً أخرى أمام الأوروبيين والموقعين على الاتفاق النووي قبل «خطوة رابعة»، وفق ما أكد روحاني الذي أضاف: «متى ما نفذت التزاماتها (أوروبا) سنعود نحن أيضاً إلى التزامات الاتفاق».
اتهم هوك الإيرانيين بممارسة «الابتزاز النووي» مع الغرب


تحافظ إيران على سياستها التصعيدية تحت سقف المفاوضات الأوروبية عبر الفرنسيين، وهو ما يقابله تكثيف الضغوط من واشنطن حيث الخشية من عدم الالتزام الإيراني بالاتفاق النووي أملاً في وضع إيران تحت العقوبات من دون رد فعل بهذا الحجم يعيد تخصيب اليورانيوم والنشاط النووي إلى مستويات مقلقة. وفي محاولة جديدة لثني طهران عن مزيد من تخفيف الالتزامات النووية، قال المبعوث الأميركي بشأن إيران براين هوك، إن بلاده لا تعتزم منح طهران «استثناءات أو إعفاءات» من العقوبات لتسهيل منح خط ائتماني لطهران وفق ما تسعى له الوساطة الفرنسية، في موقف متشدد تجاه مبادرة ماكرون. وهدد هوك بمزيد من العقوبات، متهماً الإيرانيين بممارسة «الابتزاز النووي» في محادثاتهم مع الغرب، وأعلن تخصيص جائزة بقيمة تصل إلى 15 مليون دولار مقابل معلومات «تعرقل العمليات المالية للحرس الثوري وفيلق القدس». أما رئيسه دونالد ترامب، فأكد بدوره أن حكومته لن ترفع العقوبات، وإن ترك الباب مفتوحاً لإمكانية لقائه روحاني أثناء اجتماعات الأمم المتحدة. وتوالت في الساعات الأخيرة فصول العقوبات الأميركية، وبعد وكالة الفضاء الإيرانية، أدرجت واشنطن ما سمّتها شبكة «للنفط مقابل الإرهاب» على القائمة السوداء. وقالت وزارة الخزانة إن «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري وحزب الله حققا مكاسب مالية من خلال نقل النفط والمنتجات البترولية الإيرانية إلى سوريا «وهذه الإمدادات كانت بقيمة أكثر من 750 مليون دولار خلال فصل الربيع فحسب».
وبالعودة إلى الإيرانيين، فإن اتباعهم البرنامج التصعيدي المقرر مسبقاً لا يتعارض مع مفاوضة الأوروبيين، إنما هو ورقة ضغط تخدم هذه المحادثات التي تسمح عودة بيع النفط في إنجاحها. وفي حديثه الأخير، حافظ روحاني على «التفاؤل» تجاه المبادرة الفرنسية، حيث قال: «على سبيل المثال، إذا كانت هناك خلافات على 20 نقطة، فاليوم انحصرت هذه الخلافات في ثلاث»، إلا أنه استدرك: «لكننا لم نصل حتى الآن إلى الحل النهائي، ومن المستبعد التوصل إلى هذا الحل على مدى اليوم وغداً، وبالتالي سنخطو الخطوة الثالثة في خفض التزاماتنا النووية».