يبدو أن الجولة التاسعة من المفاوضات المُنعقدة في الدوحة بين الأميركيين وحركة «طالبان» ستكون الأخيرة بين الطرفين. مفاوضات يُتوقّع أن ينتج منها، خلال الأسبوع الجاري، توقيع اتفاق يسمح ببدء سحب القوات الأميركية من أفغانستان، وفق جدول زمنيّ محدّد. وبعد حوالى عامٍ على بدء المحادثات التي ترعاها قطر، يشي الإعلان عن وضع «اللمسات الأخيرة» على الاتفاق بأنه بات منجزاً، وهو ما سعى الناطق باسم المكتب السياسي لـ«طالبان»، سهيل شاهين، إلى توضيحه حين وصف جولة الحوار هذه بـ«المثمرة». وقال: «أحرزنا تقدماً في هذه الجولة، ونقوم بوضع اللمسات الأخيرة على النقاط المتبقية» لسحب القوات الأميركية، متوقّعاً التوصل إلى اتفاق «عند الانتهاء من (هذه) النقاط». وكان شاهين قد أكد، في حديث إلى «الأناضول»، أن الحركة «على وشك التوصل إلى اتفاق نهائي في الدوحة مع الولايات المتحدة»، وأن «واشنطن وافقت على سحب قواتها من أفغانستان وحل القضية الأفغانية سلمياً»، وهو الشرط الرئيس الذي تضعه «طالبان» من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية. ويتضمّن الاتفاق الذي سيجري التوقيع عليه سحب أكثر من 14 ألف جندي أميركي من أفغانستان بجدول زمني واضح، على أن تلتزم الحركة، في المقابل، عدم استخدام المقاتلين الأجانب أراضي أفغانستان، كما يتضمن وقفاً لإطلاق النار بين الجانبين. وتشترط «طالبان» أيضاً، عرض الاتفاق على وسائل الإعلام وعلى ممثلين لدول الجوار الأفغاني، إضافة إلى الصين وروسيا والأمم المتحدة، من أجل توفير ضمانات دولية لتطبيقه.
تشترط «طالبان» عرض الاتفاق على دول الجوار الأفغاني والصين وروسيا والأمم المتحدة

وتوقّع مصدران دبلوماسيان على اطلاع على الجولة التاسعة من المحادثات، تحدّثت إليهما «رويترز»، إنجاز الاتفاق هذا الأسبوع، وسحب حوالى 50% من القوات الأميركية، لكنهما أضافا إنه سيتعيّن التفاوض بشكل منفصل على إنهاء القتال بين «طالبان» والحكومة الأفغانية. وبحسب دبلوماسي يتابع المفاوضات في قطر، فإن «وقف إطلاق النار بين القوات الأفغانية وطالبان يتطلب اتفاقاً منفصلاً، والمداولات لم تبدأ بعد»، مضيفاً إن «الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان سيوقف الضربات الجوية الأميركية على الحركة، كما ستوقف الأخيرة الهجمات الداخلية على الجنود الأميركيين وغيرهم من الأجانب»، وهو ما أكده أيضاً قيادي «طالباني». ويضغط المفاوضون الأميركيون على الحركة الأفغانية من أجل الموافقة على الدخول في محادثات مع الحكومة ووقف إطلاق النار، غير أن قيادياً في «طالبان» قال لـ«رويترز» إن هذا لن يحدث، مؤكداً «(أننا) سنواصل القتال ضد الحكومة الأفغانية وسننتزع السلطة بالقوة». وذكر «القياديان» أن الاتفاق يقضي أيضاً بأن توقف الولايات المتحدة دعم الحكومة الأفغانية. التعليق الأخير استدعى رداً من المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، الذي أكد في تغريدة أن بلاده «ستدافع عن القوات الأفغانية الآن وبعد أي اتفاق مع طالبان». وبحسب خليل زاد، فإن الطرفين متفقان على أن «مستقبل أفغانستان تحدده مفاوضات أفغانية داخلية»، وهو ما أكده أيضاً شاهين الذي قال إن «كل القضايا الداخلية سيتم بحثها عبر مفاوضات أفغانية عند الانتهاء من هذا الاتفاق وعرضه على وسائل الإعلام».
ومع انتهاء الجولة التاسعة، من المقرر أن يتوجه خليل زاد إلى العاصمة الأفغانية، بهدف «تشجيع» الاستعدادات للمفاوضات الأفغانية ــــ الأفغانية، وفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، في حين لا يزال يتعيّن حلّ بعض القضايا الشائكة، مثل تقاسم السلطة مع «طالبان»، ومستقبل الإدارة الحالية، وأدوار القوى الإقليمية مثل الهند أو باكستان.