مع تسجيل اليوان الصيني صباح أمس أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ عام 2010، أُثيرت توقعات بأن بكين اتخذت إجراءً لخفض عملتها من أجل مواجهة الرسوم الجمركية التي تهدّد واشنطن بفرضها. إجراءٌ سارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التنديد به بوصفه «تلاعباً بالعملة»، بينما شدّد «البنك المركزي» على أن الصين لن تستغل عملتها كأداة للتعامل مع اضطرابات خارجية. وتراجع سعر صرف اليوان في الأسواق الخارجية إلى 7,1085 مقابل الدولار، بعد أيام من إعلان ترامب خطّته لفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على سلع صينية جديدة بقيمة 300 مليار دولار، وهو ما فاقم التوترات التجارية القائمة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. أما في الأسواق الصينية، فتم التداول باليوان عند 7,0307، مسجّلاً بذلك أدنى مستوى له منذ 2008.ترامب، الذي اتهم الصين مراراً بتعمّد خفض قيمة عملتها لدعم صادراتها، ندّد، يوم أمس، بالإجراء الذي اتّخذته بكين، بوصفه «انتهاكاً كبيراً». وفي تغريدة عبر «تويتر»، كتب ترامب: «خفضت الصين سعر عملتها إلى مستوى تاريخي متدنٍّ.‭‭‭ ‬‬‬هذا يسمّى تلاعباً بالعملة. هل تسمعونني يا مجلس الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي)؟ هذا انتهاك كبير سيُضعف الصين بصورة كبيرة مع مرور الوقت!».
وتُخضع الصين سعر عملتها لقيود، وهي تسمح بتقلّب القيمة مقابل الدولار ضمن هامش 2% من السعر المرجعي الذي يحدّده بنك الصين يومياً. وأمس حدّد «المركزي» سعر الصرف عند 6,9225، أي أقل بـ0,33% مقارنة بالجمعة. وقال البنك في بيان إن سعر الصرف «تأثّر بالسلوك الأحادي والإجراءات الحمائية التجارية وزيادة الرسوم الجمركية على الصين». وأضاف: «اليوان حافظ على استقراره وقوته مقابل سلة من العملات»، مشيراً إلى أنه «سيقمع بحزم المضاربة وسيحافظ على استقرار سوق صرف العملات الأجنبية وتوقعات السوق».
سجّل اليوان أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ 2010


وفيما أكّد محافظ «المركزي»، يي قانغ، أن بكين لن تستغل عملتها كأداة للتعامل مع اضطرابات خارجية مثل النزاعات التجارية، نقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية عن خبير استراتيجيات العملات في مصرف ميزوهو، كين تشونغ، قوله إنه «يبدو أن زيادة الرسوم الجمركية تشكّل مؤشراً على عودة ردود الفعل الانتقامية وتعليق المحادثات التجارية، وبالتالي لا يرى المركزي الصيني أي حاجة إلى الإبقاء على استقرار سعر صرف اليوان على المدى القريب».
أما الخبير في شؤون الاقتصاد الصيني، في مركز «كابيتال إيكونوميس»، جوليان إيفانز بريتشارد، فرأى أن «المركزي الصيني يستخدم عملياً سعر الصرف سلاحاً» عبر ربطه قيمة العملة بالحرب التجارية. وأضاف بريتشارد: «إذا افترضنا أن هدفهم تخفيف وطأة الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، فهم سيسمحون على الأرجح بمزيد من التراجع في قيمة عملتهم بما بين 5% و10% في الفصول المقبلة».
وسبق أن أحدث الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي صدمة في الأسواق العالمية عندما هدّد بفرض مزيد من الرسوم الجمركية غَداة استئناف واشنطن وبكين المفاوضات الرامية إلى إنهاء النزاع التجاري بينهما. وإذا نفّذ ترامب تهديده بزيادة الرسوم بنسبة 10% اعتباراً من الأول من أيلول/سبتمبر المقبل، فستصبح عملياً الصادرات الصينية كافة إلى الولايات المتحدة، البالغة قيمتها 500 مليار دولار سنوياً، خاضعة للرسوم.
وبينما هدّدت بكين الجمعة الماضي بالردّ على أيّ رسوم أميركية جديدة، علماً بأنها فرضت بالفعل رسوماً على سلع أميركية بقيمة 110 مليارات دولار هي تقريباً كل ما تستورده من الولايات المتحدة، نقلت «وِكالة الصين الجديدة» الرسمية عن «هيئة التنمية الوطنية والإصلاح» ووزارة التجارة قولهما إن الصين «لن تستبعد مؤقتاً احتمال فرض تعرفات إضافية على وارداتها من المنتجات الزراعية الأميركية للصفقات المبرمة بعد 3 آب/أغسطس، كما أوقفت الشركات الصينية ذات العلاقة مشترياتها مؤقتاً من منتجات المزارع الأميركية».
(أ ف ب، رويترز)