اتسعت، أمس، رقعة التظاهرات الغاضبة التي تجتاح شوارع فلسطين المحتلة، من مدينة بئر السبع جنوباً، وصولاً إلى مستوطنة «كرمئيل» شمالاً، منذ يومين. أمّا المتظاهرون هذه المرة، فهم شبان من «جماعة الفلاشا»، انتفضوا مجدداً على التمييز المُمارَس في حقّهم من السلطات الإسرائيلية، التي تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية أو أكثر، بسبب لون بشرتهم وأصولهم الإثيوبية. المُحرّك المباشر للعصيان المستمر لليوم الثالث، مقتل الفتى سولمون تاكا (15 عاماً) ذي الأصول الإثيوبية برصاص شرطي إسرائيلي، لاستشعار الأخير «خطراً على حياته» من تاكا. وهي حادثة ليست الأولى من نوعها؛ إذ سبقها الكثير من الحوادث التي قتل فيها شرطيون شباناً من أصول شبيهة، في تجلية لعنصرية «اليهود البيض» المتحدّرين من أصول غربية، تجاه «اليهود السود».التظاهرات الجديدة تركزت في مدن محتلة رئيسة، في مقدمتها تل أبيب وحولون والقدس والعفولة وبئر السبع وضواحي حيفا، وعمّت الشوارع التي تشكّل شرايين اقتصادية أساسية للاحتلال. وقد أغلق المتظاهرون مفترقات الطرق، ومنعوا السيارت من المرور، محتجزين أكثر من 70 ألفاً فيها لساعات. أمّا حصيلة المعتقلين من ذوي الأصول الإثيوبية، فبلغت المئات، فيما أصيب أكثر من 60 شرطياً إسرائيلياً. كذلك، بلغت الأضرار المادية التي لحقت بالممتلكات العامة وسيارات الشرطة والإطفاء والإسعاف ملايين الشواقل، كما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت».
حتى الآن، لا إشارة استجابة من المحتجين، سوى أن تظاهراتهم مستمرة، على رغم أن تحقيقات الشرطة تشير إلى أن «الشرطي مُطلق النار أطلق رصاصة على الأرض، فارتدّت لتصيب سولمون وتسبّب قتله». وهي رواية يشكّك فيها المحتجون، ويرونها «تضليلاً». على هذه الخلفية، دعا الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، ورئيس وزرائه، بنيامين نتنياهو، إلى «إعادة الهدوء». وتوجّه نتنياهو إلى المتظاهرين في شريط مصور، قائلاً: «أعرف أنه توجد مشكلات ينبغي حلها، وقد عملنا بجد ويجب أن نعمل أكثر من أجل حلها»، طالباً منهم «أمراً واحداً»، هو «التوقف عن إغلاق الشوارع، فنحن دولة قانون ولن نتحمل مزيداً من خرقه».
أما ريفلين، فقال: «علينا التوقف والتفكير معاً في كيفية المواصلة من هُنا، وعلينا استكمال التحقيق في موت سولمون، وأن نمنع الموت القادم، والإذلال القادم. وعلينا أن نلتزم جميعاً ذلك». أما وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، فقال إن «متظاهرين دعوا إلى التسبب بإصابات في صفوف الشرطة. كانت هناك نية لدى متظاهرين لإطلاق النار باتجاه أفراد الشرطة». وأضاف: «كان من المحتمل أن تكون النتيجة أمس أقسى لو أصيب أو قتل متظاهرون. الشرطة ملزمة بالعمل... بأسرع ما يمكن، أو استخدام قدراتها من أجل منع إغلاق شوارع والتظاهرات العنيفة».