إسطنبول | يتوجّه، غداً الأحد، حوالى 10.5 ملايين ناخب من سكان إسطنبول لانتخاب رئيس البلدية الجديد، بعدما ألغت الهيئة العليا للانتخابات نتائج انتخابات 31 آذار/ مارس الماضي، التي فاز بها مرشح المعارضة، أكرم إمام أوغلو، بفارق 13900 صوت، على منافسه رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدرم. وتتوقّع استطلاعات الرأي أن تصل نسبة المشاركة إلى 90 %، بعدما تحوّلت هذه الانتخابات إلى تحدّ بين المعارضة والرئيس رجب طيب إردوغان. الأخير عاد إلى لهجته التقليدية ضدّ إمام أوغلو وأحزاب المعارضة، التي دعت في المقابل أنصارها إلى عدم مغادرة المدينة إلا بعد الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات. كذلك، تتوقّع الاستطلاعات أن يتقدّم إمام أوغلو هذه المرّة على منافسه بما لا يقلّ عن 300 ألف صوت، بعدما أعلنت 4 أحزاب و3 مرشحين مستقلّين انسحابهم لمصلحته. واستنفرت قيادات «حزب الشعوب الديموقراطي»، من جهتها، كل إمكاناتها، ونزلت إلى الشوارع بقوّة لإقناع حوالى 200 ألف من أنصار الحزب وأتباعه، مِمَّن لم يتوجّهوا إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات الماضية، بالتصويت لإمام أوغلو يوم الأحد.ويسعى «حزب العدالة والتنمية»، بدوره، إلى إقناع أكراد إسطنبول المتدينين بتأييد بن علي يلدرم، من خلال نقل المشايخ ورجال الدين الأكراد من جنوب شرق البلاد إلى إسطنبول، للتأثير على الناخبين الأكراد. وسعى بن علي يلدرم وراء كسب ودّهم من خلال زيارته دياربكر، حيث حيّاهم باللغة الكردية. ذلك في الوقت الذي يستمرّ فيه إردوغان في حملته العنيفة ضد إمام أوغلو، إذ قال إن «القضاء سيتدخّل، وسيقيل إمام أوغلو حتى لو فاز بانتخابات الأحد، لأنه أساء لوالي مدينة آوردو الذي منعه من استخدام قاعة الشرف خلال زيارته المدينة الأسبوع الماضي».
تتوقّع استطلاعات الرأي أن تصل نسبة المشاركة في انتخابات الأحد إلى 90 %

وكان إردوغان، قبل انتخابات نهاية آذار، قد هدّد بوضع زعيمة «الحزب الجيّد»، مارال أكشانار، في السجن، فيما تعرّض زعيم «حزب الشعب الجمهوري»، كمال كليجدار أوغلو، لمحاولة اعتداء بالضرب من قِبَل مجموعة كانت تصيح: «لنحرق البيت الذي لجأ إليه كليجدار أوغلو». ولم تعتقل السلطات أيّاً من المعتدين على كليجدار أوغلو، كما لم تفعل ذلك مع أولئك الذين اعتدوا بالضرب على صحافيين معارضين لإردوغان. وطالب إردوغان سكّان إسطنبول بالاختيار بين بن علي يلدرم والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مُشبِّهاً بذلك إمام أوغلو بالسيسي.
ويشنّ الإعلام الموالي لإردوغان حملة عنيفة ضدّ إمام أوغلو، ويكثّف اتهاماته له بالارتباط بالداعية المعارض فتح الله غولن، أو الكسب غير المشروع عندما كان رئيساً لبلدية بايليك دوزو، وهي إحدى ضواحي إسطنبول. وتتوقّع الأوساط السياسية والإعلامية المزيد من المفاجآت لمنع الناخبين الأكراد من التصويت للرجل، ومفاجآت أكبر خلال الـ 24 ساعة المقبلة إذا ما أثبتت استطلاعات الرأي فوزه بانتخابات الغد. انتخابات اكتسبت طابع الانتخابات البرلمانية، بل وحتى الرئاسية، بعدما نزل إردوغان إلى الشارع بكل ثقله لمنع تكرار الانتصار الذي حقّقه إمام أوغلو في انتخابات نهاية آذار، حين فازت أحزاب المعارضة في 31 ولاية من أهم ولايات تركيا، بما فيها العاصمة أنقرة وإسطنبول وأزمير وأضنة وأنطاليا ومرسين وهاتاي وغيرها. وكان زعيم «الشعب الجمهوري» قد اتهم البعض من أعضاء الهيئة العليا للانتخابات، الذين ألغوا انتخابات نهاية آذار، بأنهم «عصابة موالية لإردوغان الذي أمرهم بإلغاء الانتخابات بشكل مخالف للدستور والقوانين»، فيما تتوقّع مصادر أن تلغى الانتخابات من جديد في حال فوز إمام أوغلو. وكانت أحزاب المعارضة قد اتخذت التدابير لمنع أي عملية غش أو تحايل خلال العملية الانتخابية المرتقبة غداً، وقامت بتوظيف أكثر من 200 ألف من أعضائها وأنصارها لمراقبة عملية الاقتراع والفرز والعدّ في 31 ألف صندوق في عموم إسطنبول، كما كلّفت نقابات المحامين حوالى 20 ألفاً من أعضائها بالإشراف على الصناديق.
كل ذلك في الوقت الذي يتوقّع فيه الجميع لأكرم إمام أوغلو أن يتحول إلى منافس قوي لإردوغان في أول انتخابات رئاسية، مهنا تكن نتائج الأحد، بعدما بات واضحاً أن الشارع يتعاطف مع الرجل الذي نجح في كسب تضامن فئات واسعة من المجتمع، مقابل تراجع ملحوظ لشعبية الرئيس، لأسباب عدّة تتصل بسياساته الداخلية والخارجية.