اختتمت «منظمة شنغهاي للتعاون» أعمال قمّتها الـ19، أمس، في عاصمة قرغيزستان بيشكيك، بإعلان قادة المنظمة عزمهم على مواصلة التعاون في عدد من القضايا أهمها، نزع السلاح النووي، ومحاربة الإرهاب والتطرف، والوضع في سوريا، ورفض التدخل في شؤون الدول الأخرى. القمة التي بدأت أعمالها باجتماعٍ خاص لوفود الدول الأعضاء، تلاه اجتماع موسع بحضور وفود الدول المراقبة في المنظمة ورؤساء عدد من المنظمات الدولية، أفضت إلى بيان أكد «استمرار الدول الأعضاء في المنظمة في التعاون في مسائل نزع السلاح النووي، ومراقبة عدم انتشاره، والاستعمال السلمي للطاقة الذرية»، مشدداً على أن الدول الأعضاء «تعتبر من المهم التنفيذ المستدام لخطة العمل بشأن البرنامج النووي الإيراني، وفقاً للقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن، وتدعو جميع المشاركين إلى الوفاء بجميع التزاماتهم من أجل التنفيذ الكامل والفعّال للوثيقة». وأضاف البيان أنه «لا يوجد مبرر لأعمال الإرهاب والتطرف»، معتبراً أن «من المهم تنفيذ تدابير شاملة لتعزيز مكافحة الإرهاب وأيديولوجيته». كذلك، تطرق البيان الختامي للمنظمة ـــ التي تضمّ كلّاً من الهند وكازاخستان وقرغيزستان والصين وباكستان وروسيا وطاجكستان وأوزبكستان، فيما تتمتع كلّ من أفغانستان وبيلاروسيا وإيران ومنغوليا بصفة «مُراقب» ـــ إلى الأزمة السورية، إذ أكد أن الحوار والحفاظ على سيادة أراضيها هو السبيل الوحيد لتسوية الوضع في البلاد. وقد شغلت الأزمة في كلٍّ من أفغانستان وسوريا، والتطورات الأخيرة حول البرنامج النووي الإيراني، حيّزاً مهماً من القمة، حيث ناقش المشاركون طرق تسويتها. وفي هذا السياق، شدد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في كلمته على «مكافحة الإرهاب»، معتبراً أنه من أهم الأولويات، وجدّد «دعم سوريا حتى القضاء عليه نهائياً في أراضيها»، فيما رأى أن «الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وخطة العمل الشاملة التي تبناها مجلس الأمن يزعزع الاستقرار في المنطقة».
أكّدت طهران وبكين أن مقاومتهما لسياسات واشنطن تصبّ في مصلحة البلدين


بدوره، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي حضر بصفة «مُراقب»، إن «علينا الاتحاد في مواجهة خطر الإرهاب الذي يهدد الاستقرار في العالم أجمع، سياسات أميركا تهدد الأمن والسلام في العالم»، مضيفاً أن «الاتفاق النووي كان إنجازاً سياسياً متعدد الأطراف، وتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أثبتت أن إيران نفذت جميع التزاماتها فيه... واشنطن انسحبت من الاتفاق بشكل أحادي، وهددت الآخرين لإخراجهم منه». وتأتي كلمة روحاني بعد يوم من رفع سقف التوتّر الأمني في منطقة الخليج، إثر استهداف ناقلات نفط في بحر عمان.
أما الرئيس الصيني، شي جين بينغ، فقد قال لنظيره الإيراني في اجتماع بينهما على هامش القمة إن بكين «ستعزز تنمية مطردة للعلاقات مع إيران، بغض النظر عن كيفية تغير الوضع الدولي»، معتبراً أن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي «أهم عوامل تقويض السلم في المنطقة». وأكد الرجلان أن مقاومة طهران وبكين لسياسات واشنطن تصبّ في مصلحة البلدين والعالم، وشددا على أن علاقتهما استراتيجية ولا توجد حدود لتعزيزها. ومن هنا، قال روحاني إن بلاده «مستعدة لتأمين احتياجات الصين من الطاقة، وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية كافة».
أما على صعيد الشراكات، فأتت ثمار القمة على شكل توقيع أكثر من 20 وثيقة مشتركة، بما فيها بيان بيشكيك و«خريطة طريق» حول أفغانستان. وقال المكتب الصحافي للرئيس القرغيزي: «تم توقيع 21 وثيقة في أعقاب القمة، من بينها بيان بيشكيك الختامي و12 وثيقة أخرى، في حين وقع رؤساء المؤسسات الحكومية في الدول الأعضاء في المنظمة 7 وثائق أخرى، بما فيها عدد من الاتفاقيات، وخريطة طريق للأعمال المستقبلية لمجموعة الاتصال منظمة شنغهاي ـــ أفغانستان». وقد تمحورت الاتفاقيات التي وُقّعت بين رؤساء المؤسسات الحكومية وحكومات الدول الأعضاء، حول التعاون في مجال وسائل الإعلام، ومجال الرياضة. كما تمت المصادقة على خطة الإجراءات الرئيسة لتطوير التعاون في مجال الصحة في الفترة ما بين عامي 2019 و2021. ووقعت الأطراف أيضاً مذكرات تفاهم بين سكرتاريا المنظمة وكلّ من المنظمة السياحة العالمية ومفوضية الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.