طهران | أسدل المرشد الإيراني، علي خامنئي، الستار على الوساطة اليابانية الساعية إلى فتح قناة تفاوض بين إيران والولايات المتحدة، معتبراً في الوقت ذاته أن «شخص (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب غير جدير بتبادل الرسائل». خامنئي الذي كان يستقبل في مكتبه أمس رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، أكد أن «بلاده لن تكرّر تجربة المفاوضات السابقة مع أميركا»، واصفاً تلك التجربة بـ«المريرة».وفور انتشار مضمون محادثة خامنئي مع آبي، بدت النهاية الدراماتيكية للوساطة اليابانية محسومة. نهاية لم تكلّف الزعيم الإيراني سوى استعادة موجزة لتجربة التفاوض فور توجّه الضيف الياباني للمرشد بالقول: «أودّ إيصال رسالة الرئيس الأميركي إلى سماحتكم» (ظهر آبي، في لقطات اللقاء، واضعاً الرسالة المكتوبة بجانبه). وقال خامنئي: «إيران فاوضت أميركا والأوروبيّين على القضية النووية ضمن إطار 5 + 1 طوال 5 أو 6 أعوام، وحققت نتيجة معينة، لكن أميركا نقضت هذه الاتفاقية المحسومة، لذلك أي شخص عاقل يفاوض مرّة أخرى بلداً نقض كلّ هذه الاتفاقيات؟». وزاد بالقول: «بعد الاتفاق النووي، كان أوباما شخصياً أول من بادر إلى نقضه على الفور. نفس من كان قد طلب التفاوض مع إيران وأرسل وسيطاً أيضاً... هذه تجربتنا، ولْتعلم يا سيّد آبي أننا لن نخوض هذه التجربة مرة أخرى». وتطرق إلى تصريحات ترامب حول عدم وجود نية لديه بتغيير النظام في طهران، معتبراً أن ذلك «محض كذب، لأنه كان ليقدم على ذلك لو كان قادراً». وفي قضية السلاح النووي، ذكّر بفتواه بحرمة تصنيع أسلحة الدمار الشامل وحيازتها، ورأى أن واشنطن ليس لديها صلاحية الحديث عن هذا الأمر لكونها تمتلك ترسانة من هذا السلاح، و«لو قرّرنا تصنيع السلاح النووي لعجزت أميركا عن فعل أي شيء».
ترامب: أشعر بأن من السابق لأوانه حتى مجرّد التفكير في عقد صفقة


القرار الإيراني الذي أُبلغت به طوكيو على لسان أعلى سلطة رسمية في طهران، لم يكن بعيداً من استراتيجية «لا حرب ولا مفاوضات»، التي أعلن عنها الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مع اشتداد العقوبات الأميركية مطلع الشهر الماضي، وبذلك فإن «العنوان الأبرز لزيارة آبي لم يُكتب له النجاح»، وفق المحلل السياسي الإيراني صابر غلعنبري، الذي يُرجع في حديث إلى «الأخبار» هذا الفشل إلى «إصرار أميركا على الإبقاء على سياسة العقوبات»، التي تُعدّ برأيه «أساساً للحرب الاقتصادية الأميركية الموجهة ضد إيران»، ما يدفعه إلى توقّع «المزيد في حدة التوتر والتصعيد خلال المرحلة المقبلة». وعلى الرغم من أن صحيفة «آفتاب يزد» الإصلاحية رأت أن «وساطة شينزو آبي مختلفة عن غيره»، فإن غلعنبري يجزم بأن «اليابان محكومة بشكل كبير بعلاقاتها التحالفية مع أميركا»، موضحاً أن «امتناع اليابان عن شراء النفط الإيراني في إطار التزامها بالعقوبات الأميركية يُعدّ نموذجاً على الارتباط الوثيق بين الطرفين». وهذا ما لفتت إليه صحيفة «جام جام» الإيرانية، عندما رهنت صدق نيات اليابان بـ«قدرتها على إجبار أميركا على استثنائها من حظر استيراد النفط الإيراني». المراهنة الإيرانية على إمكانية التحرّر الياباني من قبضة العقوبات الأميركية تولّدت بعد المؤتمر الصحافي الذي تلا لقاء آبي مع روحاني، والذي كشف خلاله الأخير عن «اهتمام اليابان بشراء النفط الإيراني»، إضافةً إلى إعلانه التحدّث مع ضيفه الياباني في مسائل تخصّ الاستثمار الياباني في مناطق الجنوب الإيراني، بما فيها ميناء تشابهار المطلّ على خليج عُمان. من جهته، المرشد خامنئي، الذي رحّب بالاقتراحات اليابانية الساعية في تطوير مستوى العلاقات الثنائية، ربط تنفيذ ذلك بإظهار «الإرادة الحاسمة»، في إشارة إلى الضغوط الأميركية على طوكيو.
تجدر الإشارة إلى أن أحداث التوتر في مناطق التماس الإيراني ــــ الأميركي شهدت تراجعاً نسبياً منذ الزيارة التي قادت الرئيس ترامب إلى اليابان في الـ 25 من الشهر الماضي، حيث تم الإعلان بعد تلك الزيارة عن زيارة منتظرة سيحلّ خلالها شينزو آبي ضيفاً على طهران، كأول رئيس وزراء ياباني يزور العاصمة الإيرانية منذ انتصار الثورة عام 1979. إلا أن ذلك الهدوء سرعان ما خرقه استئناف مسلسل العقوبات الأميركية، وهو ما استشهد به خامنئي أمام ضيفه الياباني للإشارة إلى سوء النيات الأميركية، بالقول: «الرئيس الأميركي التقى جنابكم منذ أيام، وتحدّث إليكم حول إيران أيضاً، لكن بعد عودته من اليابان أعلن على الفور حظر قطاع البتروكيميائيات الإيراني، هل هذه رسالة صداقة؟ هل هذا يُثبت أنه ينوي إجراء مفاوضات صادقة؟»، ليخلص إلى القول: «نحن نعتقد أن سبيل حلّ مشاكلنا ليس التفاوض مع أميركا، وأن أي شعب حرّ يرفض التفاوض في ظلّ الضغوط».
خلاصة الموقف الإيراني دفعت ترامب إلى موقف جديد، نعى فيه الوساطة اليابانية، وجمّد بموجبه عرض الاتفاق الجديد، وذلك في تغريدة له أمس على حسابه في «تويتر»، أظهرت خيبته من نتائج زيارة آبي، كتب فيها: «فيما أقدّر عالياً زيارة رئيس الوزراء آبي لإيران، ولقاءه آية الله علي خامنئي، أشعر بأن من السابق لأوانه حتى مجرد التفكير في عقد صفقة. إنهم ليسوا مستعدّين، ولا نحن كذلك!».