تطرّقت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية، في عددها الأخير، إلى أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ــ «بريكست» ــ ومدى قرب تحوّلها من أزمة سياسية إلى أخرى دستورية. وفي هذا السياق، رأت المجلة أن منطق الخروج «الذي لا يهدأ»، قد أدى إلى «إثارة عصا الديناميت الدستوري في البلاد، نظراً لصعوبة الإصلاح الدستوري في بلد على خلاف»، لافتة إلى أن «هناك احتمالاً كبيراً لأن يكتشف البريطانيون، قريباً، أن الدستور الذي كانوا يعتمدون عليه ليس قابلاً للتكيّف مع الفوضى والانقسام والتهديد».وتوقعت «ذي إيكونوميست» أنه، بعد ثلاثة أيام من تنحي تيريزا ماي عن منصبها رئيسةً لحزب «المحافظين»، سيبدأ سباق لخلفها، مشيرة إلى أن بعض المتسابقين، «الذين يروّجون لفكرة أن الاتحاد الأوروبي لم يعطهم ما يريدون، سينسحبون من الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول/ أكتوبر دون اتفاق». بناءً عليه، لفتت إلى أن الأسوأ من ذلك، «سيكون هناك في المرحلة المقبلة المزيد من المكائد البرلمانية لإيقاف بريكست». وتابعت الصحيفة أن وراء هذا «الغموض (من يتخذ القرار بشأن بريكست، السلطة التنفيذية أو البرلمان) حقيقة أن دستور بريطانيا مزيج من التناقضات المنتشرة في عدد لا يحصى من القوانين والاتفاقيات والقواعد»، مشيرة إلى أنه «يمكن تعديلها بسهولة، وذلك من طريق التصويت في البرلمان أو فقط من قِبل رئيس مجلس العموم». وتابعت المجلة مضيفةً أن «الفوضى الناتجة تركت بصمتها على بريكست»، موضحة أن «الاستفتاء أيّد ترك الاتحاد، لكنه ترك التفاصيل إلى وقت لاحق». وأضافت: «من غير الواضح كيف ينبغي لأعضاء البرلمان التوفيق بين واجباتهم في احترام الاستفتاء، وواجب كل منهم في التصرّف بما يحقّق مصالح ناخبيه... بلدان أخرى تتجنّب هذا الخطأ». وأعطت إيرلندا مثالاً بالقول إنّ «لديها استفتاءات أيضاً، لكن المادة 46 من دستورها واضحة: لا يصوّت الناس على التغيير إلا بعد تمرير مشروع القانون مع التفكير في تفصيل التفصيل»، مشيرة في هذا السياق إلى أن لندن تفكّر فقط في أن تكون «عاقلة».
رأت المجلة أن دستور بريطانيا مزيج من التناقضات المنتشرة


ورأت «ذي إيكونوميست» أن «بريكست»، بحدّ ذاته يزرع فوضى دستورية، وأن «فعل مغادرة الاتحاد من شأنه أن يحمّل الدستور شكوكاً جديدة». وأشارت إلى أن ذلك «يؤدي إلى القلق النهائي، وأن الدستور المعدّل بسهولة عرضة للسياسة الراديكالية التي تنتهجها ثلاث سنوات مضت من التجديف بشأن بريكست». وتابعت بأنه «لا يمكن أن يكون جيريمي كوربن وزملاؤه في أقصى اليسار أكثر وضوحاً بشأن طموحاتهم في إحداث ثورة في بريطانيا. من السذاجة الاعتقاد أنهم سيركزون على الاقتصاد والإنفاق العام، لكنهم يتركون القواعد وحدها. إن حكومة حزب العمّال بقيادة كوربن ـــ أو حكومة محافظة يقودها المحافظون ــــ ستقيّد فقط من خلال قدرتها على الوصول إلى البرلمان». وقالت: «لقد دعا حزب العمل بالفعل إلى عقد مؤتمر دستوري». وأكدت الصحيفة أن «معظم البريطانيين غير مدركين بشدة للاختبار الذي ينتظرنا. قد يعتقدون أن طريقتهم الخاصة في القيام بالأشياء تؤدي دائماً إلى الاستقرار. من الممكن حقاً أن تسمح المرونة اللانهائية لدستورهم بالتوصل إلى حل وسط يجتاز البلاد عبر الأراضية السيئة لبريكست». وختمت بالقول إن «بريكست يعتبر أزمة سياسية منذ فترة. الآن يبدو أنها ستصبح أزمة دستورية، أيضاً».