في محاولة أخيرة للحصول على موافقة النواب البريطانيين على خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية أنها ستقدّم اتفاقاً جديداً للخروج، يتمتع بـ«أرضية مشتركة» مع الأحزاب كافة، وذلك بعد إفشال البرلمان ثلاث مرات تمرير خطتها في شأن «بريكست». وبعد اجتماع مع حكومتها أمس، قالت ماي، في مؤتمر صحافي، إنها بعد الاستماع إلى مخاوف الأطياف السياسية كافة، وفعل ما باستطاعتها للتعامل معها، «قررت تقديم اتفاق جديد وجدي للخروج». وفي هذا الإطار، أعلنت سلسلة مبادرات للبرلمان، بينها إمكانية تنظيم استفتاء ثانٍ حول «بريكست»، والبقاء في اتحاد جمركي مؤقت مع الاتحاد الأوروبي. وشددت ماي على أن هذه هي «الفرصة الأخيرة لإيجاد وسيلة تلبي رغبة البريطانيين الذين صوّتوا للخروج في استفتاء 2016».ويتضمن الاتفاق الجديد عدة تعديلات كانت محور خلاف بين الأفرقاء البريطانيين سابقاً. إذ إنه يعطي ضمانات إضافية في شأن حقوق العُمال وحماية البيئة، وهو ما كانت تطالب به المعارضة «العمالية» التي انخرطت في مفاوضات مع حزب «المحافظين» من أجل إيجاد حلّ للخروج، لكنها فشلت. كذلك، بحسب الاتفاق، ستقع الحكومة تحت إلزام قانوني للتوصل إلى بديل لـ«خطة الأمان» بحلول كانون الأول/ ديسمبر 2020، لإلغاء الحاجة إلى تفعيل تلك الخطة. كذلك سيُحظَر المقترح الذي ينصّ على إمكانية أن تقوم حكومة مستقبلية بفصل إيرلندا الشمالية عن الأراضي الجمركية لبريطانيا. ووفقاً لرئيسة «المحافظين»، فسيخوّل الاتفاق، بموجب قانون، البرلمان «الموافقة على أهداف لندن من المفاوضات حول العلاقة المستقبلية مع الاتحاد، وكذلك المعاهدات التي تحكم تلك العلاقة قبل أن توقعها الحكومة». وأشارت ماي إلى تحقيق تقدم في عدد من النقاط نظراً لعدم إمكانية التوصل مع المعارضة إلى اتفاق شامل. ولفتت إلى أن الاتفاق سيحافظ على قواعد مشتركة مع الاتحاد في شأن الغذاء والبضائع بهدف حماية آلاف الوظائف في مجالات سلاسل التوريد. يُذكر أنه سواء أقرّ النواب مشروع القانون الذي ستعرضه أو رفضوه، سيكون على تيريزا ماي أن تستعد لمغادرة منصبها. في المقابل، بعدما انتهت ماي من تقديم عرضها الجديد، أعلن زعيم حزب «العمال»، جيرمي كوربين، أن حزبه لن يؤيد خطة رئيس الوزراء الأخيرة، وفق ما نقلته عنه وكالة «بلومبيرغ» الأميركية.
أعلن كوربين أن حزبه لن يؤيد خطة ماي الجديدة للخروج


في غضون ذلك، كشفت صحيفة «ذي إندبندنت» أن ملكة بريطانيا، إليزالبيث الثانية، أعربت خلال اجتماع تاريخي مع دبلوماسيين ألمان دعمها لاندماج الدول الأوروبية، وفق محضر سري للاجتماع كُشف حديثاً. وكتب سفير ألمانيا في لندن، روديجر فرايهر فون فيشمار، بعد لقائه الملكة في عام 1988، برقية دبلوماسية قال فيها إن «جلالتها لم تدع مجالاً للشك في أن مستقبل بريطانيا يكمن في أوروبا». ويسلّط محضر الاجتماع، الذي نشرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية تقريراً عنه، الضوء على الآراء الخاصة للملكة، في حادثة نادرة نظراً إلى أن الأخيرة دأبت على البقاء بعيداً عن السياسة، بما في ذلك النقاش الدائر حول«بريكست».
وتدور شائعات منذ فترة طويلة عن أن الملكة تدعم سراً الاندماج الأوروبي، وقد لفتت الأنظار عند افتتاحها البرلمان عام 2017، لأول مرة بعد استفتاء «بريكست»، عندما ارتدت معطفاً أزرق وقبعة تحمل أشكالاً بلون زهري في مظهر عام يُذكر بعلم الاتحاد الأوروبي. وأشار تقرير «دير شبيغل» إلى أن الملكة أبلغت السفير الألماني المنتهية ولايته آنذاك بأن «البعض لم يدرك» بعد أن بريطانيا تنتمي إلى أوروبا، وذلك في إشارة إلى رعاياها المناهضين للاتحاد. ولفت إلى أنها لاحظت أن الكثير من البريطانيين لم يفهموا بعد السوق المشتركة، قائلة إن «الوقت قد حان بالنسبة إلى الحكومة لتنظيم حملة تثقيفية لشرح الاتحاد للناخبين». وأوردت الرواية أن الملكة وجهت انتقادات شديدة إلى مارغريت تاتشر التي كانت رئيسة وزراء بريطانيا في تلك الفترة. فعندما قال السفير إن تاتشر بدت وكأنها تريد شكلاً مختلفاً من الاندماج الأوروبي غير الذي تدعمه الحكومة الألمانية، أجابته الملكة بأن «هذا سيتغير... إن بقيت (تاتشر) هنا».