بعد أيام من اشتعال الوضع في كراكاس، عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي نفذها زعيم المعارضة خوان غوايدو، بإدارة أميركية، ساد الهدوء نسبياً في عموم أنحاء البلاد، إذ عادت حركة السير إلى طبيعتها في جسر «ألتاميرا» حيث بدأت أعمال محاولة الانقلاب على الرئيس الفنزويلي المنتخب نيكولاس مادورو. كذلك بدت الأوضاع هادئة في قاعدة «لا كارلوتا» الجوية، التي شهدت اشتباكات محدودة ليل الأربعاء ـــ الخميس. ولم تشهد بقية مناطق البلاد أعمالاً تُذكر، سوى تظاهرة لمجموعة من الطلبة في جامعة فنزويلا المركزية في العاصمة.هذا الركود أثار على ما يبدو تخوف المعارضة، ما دفعها إلى دعوة أنصارها للنزول إلى الشارع مجدداً اليوم، لمطالبة الجيش بوقف دعم مادورو. وفي سلسلة تغريدات نشرها على موقع «تويتر» أمس، تحدث غوايدو عن «خريطة طريق» من أجل إطاحة بحكومة مادورو، قائلاً إنهم «لن يتراجعوا عن الخطوات التي أقدموا عليها، وسينظمون تظاهرات في الشوارع بشكل مستمر، وإضرابات ستشلّ الحياة وتشمل عموم البلاد». وأضاف الانقلابي أنّ «المعارضة ستعقد اجتماعات مع أنصارها من أجل إطلاعهم على خريطة الطريق، على أن يُنزَل إلى الشوارع مجدداً السبت»، مشيراً إلى أن التظاهرات ستكون «سلمية»، وستجري في مناطق توجد فيها مقارّ عسكرية مهمة. وتأتي هذه الخطوة الجديدة بعدما ​كان غوايدو قد أعلن، أول من أمس، بدء موظفي الدولة إضراباً عاماً.
بالتزامن مع دعوة غوايدو، ظهر ليوبولدو لوبيز، أحد أبرز وجوه المعارضة، الذي كان قد فرّ عقب فشل انقلاب الثلاثاء، برفقة عائلته إلى سفارة مدريد لدى كراكاس، طالباً اللجوء، ليعلن عن «تحرّكات عسكرية» في الطريق لإنهاء حكم مادورو، متوقعاً سقوطه خلال أسابيع. وزعم لوبيز أنه التقى مع «قادة وجنرالات» في منزله أثناء وجوده رهن الإقامة الجبرية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، مضيفاً من مقرّ إقامة السفير الإسباني أن «هناك كثيراً من التحركات العسكرية في الطريق»، وأنه يتوقع «نهاية اغتصاب (السلطة) خلال أسابيع». يُذكر أنه، أول من أمس، أمرت محكمة العدل العليا في البلاد بتوقيف لوبيز، بتهمة انتهاكه «شروط الإقامة الجبرية»، وذلك بعدما ظهر في مقطع مصور محاطاً بجنود مدججين بالسلاح في كراكاس، بالتزامن مع محاولة الانقلاب العسكري التي انضمّ إليها بعيد إطلاق سراحه من قِبَل عسكريين شاركوا في تلك المحاولة. وكان ظهور لوبيز هو الأول له منذ احتجازه عام 2014، لقيادته احتجاجات مناهضة للحكومة آنذاك. وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية أن محكمة العدل العليا أوعزت إلى الشرطة بإلقاء القبض على لوبيز لانتهاكه شروط الإقامة الجبرية التي كان يخضع لها منذ 2014. ورداً منها على الحكم الصادر بحقه، أعلنت الحكومة الإسبانية أنها لن تُسلّمه للسلطات الفنزويلية «تحت أيّ ظرف من الظروف». وقالت وزارة الخارجية الإسبانية، في بيان، إن الحكومة «لا تعتزم في أيّ حال من الأحوال تسليم ليوبولدو لوبيز إلى السلطات الفنزويلية أو إخراجه من مقرّ إقامة السفير»، مضيفةً أنها ترغب في «إيجاد حلّ لهذه القضية في أسرع وقت ممكن».
على المقلب الأميركي، قالت شبكة «سي إن إن» الأميركية إن أعضاء فريق الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب والمسؤولين العسكريين اجتمعوا، صباح أمس، في مقرّ وزارة الدفاع (البنتاغون)، لمناقشة الأزمة المستمرة في فنزويلا. وأضافت الشبكة أن وزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان، التقى مستشار الأمن القومي جون بولتون، ووكيل وزارة الدفاع للسياسة جون رود، في «التانك»، وهو مكان اجتماع آمن داخل الـ«بنتاغون» مخصص لكبار القادة لمناقشة القضايا الحساسة والعمليات العسكرية. ويأتي هذا الاجتماع بعد تلويح واشنطن بالاستعداد للتدخل عسكرياً في فنزويلا، إثر فشل مخططها لإطاحة حكومة مادورو.