مُني المحافظون في «حزب الشعب» الإسباني بهزيمة تاريخية في الانتخابات التشريعية المبكرة التي حصلت أول من أمس، حيث خسر أكثر من نصف مقاعده، بينما انتصر الحزب «الاشتراكي» بزعامة رئيس الوزراء الحالي بيدور سانشيز. أما «اليمين المتطرّف»، متمثّلاً في حزب «فوكس»، فقد بات يستعد للدخول بقوة إلى البرلمان للمرة الأولى منذ عقود. ويعزّز الفوز الاشتراكي الحاسم في انتخابات إسبانيا انتعاش اليسار الوسط في أوروبا، بعد تمكّن «الديمقراطيين الاشتراكيين» في السويد من المحافظة على مكانتهم كأكبر حزب في البلاد، في العام الماضي، إضافة إلى فوز اليسار الوسط في الانتخابات الفنلندية.وفي إعلانه للفوز أمام حشدٍ من المؤيدين، قال سانشير: «فاز الاشتراكيون في الانتخابات، ومعهم فاز المستقبل وخسر الماضي»، مضيفاً أنه سيسعى لتأليف حكومة موالية لأوروبا، ومشيراً إلى أن الشرط الوحيد لتأليف الحكومة يتمثل في احترام الدستور وتعزيز العدالة الاجتماعية. وبعد فرز 99% من الأصوات، حصل حزب سانشيز على نحو 29% من الأصوات وعلى 123 نائباً، في فارق بارز عن نتائج انتخابات عام 2016، لكنه ما زال بعيداً عن الأغلبية المطلقة (176 من 350 نائباً)، الأمر الذي سيجبره على بناء تحالفات مع أحزاب أخرى. في غضون ذلك، حقّق حزب «فوكس» اليميني المتطرف، بزعامة سانتياغو أباسكال، تقدماً حوّل الحزب إلى قوة خامسة في برلمان إسبانيا، باحتلاله 24 مقعداً، حيث تزداد شعبية أقصى اليمين منذ العام الماضي، وللمرة الأولى منذ وفاة الرئيس الأسبق فرانكو عام 1975.
بات «اليمين المتطرّف» يستعد للدخول بقوة إلى البرلمان للمرة الأولى منذ عقود


أما بالنسبة إلى الانفصاليين، فقد انتخب الإسبان خمسة قادة كاتالونيين يخضعون للمحاكمة في مدريد، لدورهم في محاولة انفصال إقليمهم عام 2017. وبين الفائزين السجناء، نائب رئيس حكومة كاتالونيا السابق أوريول خونكيراس، المتهم الرئيس في قضية الانفصاليين التي بدأت في 12 شباط/فبراير الماضي. وحصلت الأحزاب الانفصالية الكاتالونية على 22 من أصل 350 مقعداً في البرلمان، ويمكن لها أن تؤدّي دوراً رئيسياً في المشاورات المرتقبة، خصوصاً أنّ سانشيز هو الفائز في هذه الانتخابات، والذي كان قد وصل إلى السلطة بفضل أصوات الانفصاليين الكاتالونيين.
من جانبه، وصف زعيم «المحافظين» بابلو كاسادو النتيجة بأنها «الأسوأ على الإطلاق»، مضيفاً أن «الاشتراكيين وحدهم، بنتيجة نحو 123 مقعداً، سيكونون الأقرب إلى جمع أغلبية مطلقة من 176 مقعداً لتأليف الحكومة». وأكد أن حزبه سيمثل قوة المعارضة الرئيسية في البرلمان لحزب سانشيز. وفي تغريدة له على موقع «تويتر»، قال كاسادو إن الحزب «سيقود المعارضة بمسؤولية، ويعمل على تحسين الأمور التي لم نحسن أداءها».
في غضون ذلك، علّقت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية على نتائج الانتخابات قائلة إن «الاستثنائية الإسبانية التي كانت متمثلة في الحصانة المفترضة للبلاد من الأحزاب اليمينية المتطرفة التي توغلت في السياسة الأوروبية الرئيسية، قد استسلمت أخيراً للجروح التي تلقتها في كانون الأول/ديسمبر الماضي». وأضافت الصحيفة أنه «قبل عام واحد فقط، لم يكن الإنجاز الذي حققه فوكس أمراً ممكناً التفكير فيه»، إذ إن الحزب جذب، في آخر انتخابات عامة في عام 2016، 0.2% فقط من الأصوات. وخلال عدة أشهر تمكّن «فوكس» من قلب المشهد السياسي الإسباني؛ فعلى الرغم من أنه تأسس عام 2013، إلا أنه لم يظهر في الحياة السياسية حتى وقت قريب، ليشكل علامة فارقة في أجندة القوى الرئيسية التي نافست في انتخابات الأحد الماضي.