عادت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أمس، إلى برلمان بلادها حاملة معها الموافقة على تأجيل خروج لندن من التكتّل الأوروبي لمدة ستة أشهر. هذه الخطة التي حصلت عليها من قادة الاتحاد، مدافعة عمّا حققته في قمة بروكسل، ومشيرة إلى خططها «للسعي إلى خروج توافُقي مع حزب العمال المعارض» واستكمال مفاوضات الحكومة والحزب التي بدأت الجمعة الماضية. وكان أعضاء الاتحاد الـ27 قد وافقوا، بعد قمة متوترة عُقدت في بروكسل، أول من أمس، على تأجيل «بريكست» إلى 31 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، لتفادي «طلاق من دون اتفاق»، مؤكدين أنه يُمكن اختصار هذه المهلة في أي وقت إذا صدّق النواب البريطانيون على الاتفاق المبرم من رئيسة الوزراء. لكن رغم ذلك، ستكون الأشهر المقبلة حساسة بالنسبة إلى بريطانيا وأوروبا، خصوصاً مع تشكيل مفوضية أوروبية جديدة في أعقاب الانتخابات، ومع المناقشات في عدة ملفات مثل الميزانية المستقبلية على المدى البعيد للاتحاد.وبينما كانت ماي تلقي كلمتها أمام «العموم»، قاطعها نائبٌ غاضب في المجلس، ليقف ويطالبها بالاستقالة. وسيطرت على الجلسة أجواء مشحونة. لكن رئيسة الوزراء حاولت سريعاً تبرير هذا التأجيل للنواب المؤيدين للانفصال، قائلة إنه «لن يكون التوصل إلى اتفاق سهلاً، لأن النجاح سيحتاج من الطرفين تقديم تنازلات». لكن يبدو أن ماي لم تُقنع المناهضين في أوروبا، وقد أتاها الرد سريعاً من عضو مجلس العموم بيل كاش الذي وصف القرار بأنه «استسلام بائس». وساءل كاش ماي: «هل تقبل أيضاً بأن يقوض اتفاق الانسحاب ديموقراطيتنا والأساس الدستوري لأيرلندا الشمالية وحقنا في حكم أنفسنا وسيطرتنا على قوانيننا؟ هل سيقوض مصالحنا القومية؟ هل ستستقيل؟». وردّت عليه الأخيرة بالحسم، قائلة: «أعتقد أنك تعلم الرد على ذلك». وقالت إنه «لا يوجد ما هو أهم من تنفيذ الخروج من الاتحاد»، مؤكدة أن بريطانيا قد تنفصل قبل الموعد الذي حُدد، الأمر الذي يخدمهما بتفادي المشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي، الأمر الذي يبقى مشروطاً بموافقة «العموم» على اتفاقها بحلول يوم 22 أيار/ مايو المقبل.
رغم ذلك، لم تفقد ماي أملها بإقناع النواب، بل واصلت جهودها، وبدأت طرح سلسلة من عمليات التصويت الاستدلالية بشأن مستقبل العلاقة التي يريدونها مع بروكسل بعد «بريكست». لكن سيكون عليها في كل الأحوال أن تعرض الاتفاق كما أبرمته، حيث إن الاتحاد الأوروبي أكد رفضه إعادة التفاوض بشأنه. غير أن هذا الاتفاق يحتوي على إجراء يرفضه أنصار الخروج دون اتفاق، داخل حزب «المحافظين» الحاكم. ويهدف الإجراء إلى تفادي عودة الحدود المادية بين مقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد، وينص على بقاء المملكة ضمن الاتحاد الجمركي الأوروبي إذا لم يجرِ التوصل إلى حل آخر.
في غضون ذلك، وبعد انتهاء القمة الأوروبية، أدان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كون الاتحاد «بهذه القسوة» مع بريطانيا، متطرّقاً إلى الخلاف التجاري الحالي بين واشنطن وأوروبا، وواصفاً بروكسل بأنها «شريك تجاري فظ أيضاً مع الولايات المتحدة، وهذا الأمر سيتغير».