ينشغل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منذ أيام، في إحداث تغييرات في وزارة الأمن الداخلي. إقالات ونقل موظفين من منصب إلى آخر وغيرها من الإجراءات بدأ بها، استباقاً لإعادة متوقعة لسياسة فصل العائلات المثيرة للجدل، التي كان قد طبّقها الربيع الماضي. ترامب، الذي وضع سياسة الهجرة بنداً أساسياً في حملته الانتخابية لعام 2016، أشار إلى أن من المتوقع أن يخوض غمار الانتخابات المقبلة بناءً على هذه المسألة. ولكن بعد مرور أكثر من عامين على بداية ولايته الأولى، لا يزال يبحث عن فريق يمكنه أن يلبّي رغبته في اتباع منهج أكثر قسوة في هذا المجال.
وفيما يبدو الرئيس مقيّداً في تطبيق العديد من قراراته ــ في مواجهة الأحكام الصادرة عن القضاة الفدراليين التي تُبطلها ــ، فقد ارتأى التخفيف من غضبه المتنامي، عبر استهداف مسؤولين في وزارة الأمن الداخلي، يُنظر إليهم على أنهم «لا يفكّرون بأسلوب متقن». ومن هؤلاء: وزيرة الأمن القومي كيرستجن نيلسن، التي أقيلت الأحد، استناداً إلى أنها «لا تقوم بما يكفي من أجل تأمين الحدود»؛ ورون فيتييلو، الذي كان قد رشّحه ترامب ليدير تطبيق الهجرة والجمارك، ثمّ سحب ترشيحه، بعدما أشار إلى «أننا نريد الذهاب في اتجاه أكثر قسوة».
إلا أن التوترات التي أدت إلى إقالة نيلسن تسبق مغادرة المزيد من المسؤولين في الوزارة المعنية بمراقبة الحدود والأمن القومي، لا سيّما أن ترامب أوعز إلى مستشاري البيت الأبيض بوجوب اتخاذ دور مباشر، في إطار تطبيق سياسة الهجرة، من أجل الحدّ من ارتفاع عدد العائلات غير الشرعية التي تجتاز الحدود الجنوبية. كذلك، أخبر مساعديه بأنه يريد إعادة تطبيق سياسته المتعلقة بفصل العائلات، التي كانت قد أدت إلى احتجاج سياسي عندما جرى تطبيقها الربيع الماضي، بهدف منع المهاجرين المحتملين. وفي هذا السياق، أفاد مسؤولون في الإدارة الأميركية بأن الرئيس أخبر، أخيراً، أكثر مستشاريه تشدّداً، ستيفن ميلر، بأنه «مسؤول» عن تطبيق سياسة الإدارة المتعلقة بالهجرة.
في غضون ذلك، أفاد مسؤولون بأن من المتوقع مغادرة رئيس خدمات المواطنة والهجرة فرانسيس سيسنا، وأحد أبرز المساعدين نويبيل كوفاريك، والمستشار العام للوزارة جون ميتنيك الذي كان عضواً كبيراً في فريق قيادة نيلسن. ويضغط البيت الأبيض من أجل إقالة كلير غريدي، التي تشغل منصب نائب وزير الأمن الداخلي. أما راندولف ألّيس، مدير الخدمة السرية الذي قال البيت الأبيض إنه سيغادر منصبه، أول من أمس، فقد أشار في مذكّرة لموظفيه إلى أن الأمر مرتبط ببعض التغييرات، لافتاً إلى أن الإدارة أخبرته، قبل أسابيع، بأنه «ينبغي توقع حدوث تحوّلات في القيادة داخل وزارة الأمن الداخلي».
وإذا كانت هذه التغييرات تشير إلى شيء، فإلى التأثير الدائم لنفوذ ميلر، الذي كان قد اشتكى من تمرّد المسؤولين في وزارة الأمن الداخلي، والذي ينظر إلى كل هؤلاء الأشخاص على أنهم يشكّلون عوائق أمام تطبيق سياسة الرئيس.
من جهة أخرى، تبدو التحركات الأخيرة كأنها تطهير من المسؤولين الذين كانوا مساعدين لرئيس الموظفين السابق في البيت الأبيض جون كيلي، وأيضاً لوزير الأمن الداخلي الأسبق، الذي أُجبر على المغادرة في نهاية العام الماضي، بعد أشهر من التوترات مع ترامب.