تقرير «الوكالة الذرية» إيرانياً: آن الأوان ليحسم الغرب أمره

  • 0
  • ض
  • ض

ينهي تقرير يوكيا أمانو جزءاً مهماً في ما يتعلق بالهواجس الإيرانية، ويفتح الباب أمام تطبيق الاتفاق النووي، ولكنه من جهة أخرى يشير إلى ماضٍ غامض، تبقي من خلاله الوكالة الذرية والدول الغربية المجال مفتوحاً على مطلب تفتيش المنشآت العسكرية، وهو ما تعدّه إيران خطاً أحمر

خرج تقرير مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو بما هو متوقع إيرانياً. لا إشارة فيه إلى أبعاد عسكرية محتملة، أقله بعد عام 2009، بينما تحوم الشكوك حول أنشطة عسكرية في فترة ما قبل عام 2003، وهو تاريخ يسبق الكشف الرسمي عن البرنامج النووي ودخوله مرحلة الأزمة، ومن ثم المفاوضات التي بدأت مع الترويكا الأوروبية في اتفاقيات "سعد آباد " و"بروكسل " و"باريس"، وصولاً إلى اتفاقية "جنيف"، ومن ثم "فيينا" مع مجموعة "5+1". تنظر إيران إلى تقرير مدير الوكالة الذرية بإيجابية، وخصوصاً أنه أشار إلى تعاون مع إيران في حلحلة الكثير من الأمور العالقة وكشفت العديد ممّا كان يُعرف بالغموض النووي، كما اعترف لأول مرة بأنه خلال السنوات الست الماضية، لم تكن إيران تعمل على تطوير مشروع نووي عسكري موازٍ، وبأن كافة الأنشطة النووية تمتعت بشفافية كبيرة، ما يظهر أن الخلاف التقني حول تخصيب اليورانيوم ونسبته وكميته، إضافة إلى أعداد أجهزة الطرد المركزي، كان بأكمله نابعا من مخاوف سياسية مرتبطة بفرضية مستبعدة تقنياً تتعلق بتطوير القنبلة النووية.

تعد إيران تقرير أمانو خطوة أولى لإغلاق الملف في 15 الشهر الحالي
وعلى هذا الأساس، ترى الجمهورية الإسلامية أن تقرير يوكيا أمانو خطوة أولى أمام إغلاق الملف في الخامس عشر من الشهر الحالي، عبر تقرير مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي سيأخذ بعين الاعتبار توصيات المدير العام، إضافة إلى التوصيات التي سيرفعها ممثلو مجموعة "5+1"، التي تعهدت إغلاق الملف كلازمة لتنفيذ الاتفاق النووي بشكل كامل. إيران التي بدأت برسم ملامح خريطة الطريق للحلّ النووي مع الوكالة الدولية، في عام 2011، يبدو أنها أجابت عن النقاط الإثنتي عشرة التي كانت تمثل مرحلة الغموض النووي، وفق تقارير استخبارية تحدثت عن تجارب نووية. وحتى الآن، لم تستطع إيران الحصول على أي من نسخ التقارير الاستخبارية أو الوثائق التي تقول الوكالة إنها تثبت تورّط طهران في أبحاث نووية غير سلمية، فرغم الإصرار الإيراني على تسلّم نسخة من التقارير، إلا أن هذا الطلب رفض خلال سنوات التفاوض، ما اضطر المفاوض الإيراني إلى تحليلها وكشف بعض خباياها من خلال المطالب المقدمة على طاولة التفاوض، ومنها على سبيل المثال الاتهام بالقيام باختبار تفجير نووي في منطقة "مريوان" شمال غرب إيران. حينها، أطلعت الوكالة الدولية إيران على نيّتها زيارة المنطقة، وفق معلومات استخبارية تفيد بحصول التجربة النووية، بدورها طالبت طهران بالكشف عن المكان، فردت الوكالة أنه في مكان ما هناك، أصرّت طهران على وفد الوكالة الذي زار إيران الإفصاح عن المكان ليُنقلوا فوراً إلى هناك، فأجابوا أن المعلومات لم تحدّد أين، ولكن أشارت إلى تلك المنطقة. هنا، بحسب معنيين بالملف، اكتشفت إيران أن الأدلة الموجودة لدى الوكالة مضللة، والهدف منها الحصول على معلومات أخرى قد تكون ذات طابع أمني وعسكري، كما هو الحال في منشأة بارشين العسكرية. الحديث عن غموض نووي إيراني قبل عام 2003، يعيد إلى الذاكرة المحاولات الأميركية لتوريط إيران عسكرياً، من خلال عملية استخبارية بعنوان "عملية مرلين "، التي نشرت "الأخبار" مقالاً مفصلاً عنها (العدد ٢٦٢٣ الأربعاء ٢٤ حزيران ٢٠١٥). أخيراً، ظهرت بوادر إقفال الملف، أما الإشارة إلى ماضي عسكري نووي، فيمكن تفسيرها بقيام طهران بشراء معدات نووية مزدوجة الاستخدام، قد تستعمل في المجال السلمي وأيضاً يمكن أن تكون لها استخدامات عسكرية. ويمكن تشبيه الأمر بشراء كميات من المتفجرات قد تستعمل لفتح الطرق المدنية، كما تستخدم في صناعات عسكرية كالعبوات الناسفة. لذا، فإن الاستخدام المزدوج لا يعني بالضرورة حتمية الاستخدام الثنائي، ذلك أن الإمكانية العسكرية لصنع قنبلة نووية لم تكن موجودة، حينها، لا من جهة أجهزة الطرد المركزي ولا ربطاً بنسبة التخصيب، ولا المنشأة. وقد تكون وصلت مخططات نووية لإيران في إطار المخططات التي اشترتها الجمهورية الإسلامية من السوق السوداء في باكستان، أو بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وما تلاه من انفلات في التصاميم النووية التي وصلت إلى الكثير من الدول. سيحسم تقرير مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأمر النووي، ويفض الخلاف حول الأبعاد العسكرية، منهياً بذلك الملف، بفتح ثغرة تتحدث عن ماضٍ نووي غامض. هذا الأمر يعد مخرجاً لتبقى الوكالة الذرية، ومن خلفها الدول الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة، الباب مفتوحاً على مطلب تفتيش المنشآت العسكرية، وهو ما تعده إيران خطاً أحمر.

  • يبدو أن إيران أجابت عن النقاط الـ12 التي كانت تمثل مرحلة الغموض النووي

    يبدو أن إيران أجابت عن النقاط الـ12 التي كانت تمثل مرحلة الغموض النووي (الأناضول)

0 تعليق

التعليقات