بعد أسبوع على أزمة انقطاع الكهرباء في فنزويلا، والتي اتهمت كاراكاس الولايات المتحدة بالوقوف وراءها، عاد التيار الكهربائي بنسبة كبيرة إلى معظم أنحاء العاصمة والبلاد. انحسار الأزمة أعاد الحياة تدريجياً إلى قطاعات كبيرة تعطّلت بفعل غياب الكهرباء، الى درجة صعوبة الاستحصال على المياه في بعض الأحيان، واللجوء إلى تعبئة المياه من المصادر الطبيعية. وقد عادت خدمة المترو جزئياً في العاصمة، وكذلك وسائل الدفع الإلكتروني، فيما يبدو أن عودة مناحي الحياة كاملة إلى وضعها السابق تحتاج الى وقت إضافي، ولا سيما المدارس التي لم تفتح أبوابها بعد. أما مصانع البلاد المتوقفة عن العمل، فإن عودتها إلى وضعها الطبيعي، بحسب اتحاد الصناعات، سيستغرق عدة أيام.لكن التحسّن التدريجي الذي تشهده معظم المناطق، ولا سيما العاصمة كاراكاس، ليس معلوماً ما إذا كان سيستمر بوتيرته الإيجابية، وخصوصاً أن الأعمال التخريبية التي تتحدث عنها الحكومة لم تتوقف حتى الساعات الماضية. وقد شهدت منشأة «بترو سان فيليكس»، الواقعة على مشارف مدينة برشلونة شرقي البلاد، هجوماً تخريبياً، دمّر صهاريج تخزين في مصنع لمعالجة النفط الثقيل. وأفيد بأن الهجوم تسبب بإحراق ثلاثة من الخزانات هناك. وعرض التلفزيون الفنزويلي مشاهد لاحتراق حاويات تخزين، وانبعاث الدخان الأسود منها، فيما رأى وزير النفط مانويل كيفيدو، أن العمل التخريبي «هجوم إرهابي» من تنفيذ «الخونة» وتدبير الولايات المتحدة و«ألعوبتها» رئيس البرلمان الانقلابي خوان غوايدو، وقال: «لقد قرّرت الولايات المتحدة سرقة موارد فنزويلا... وتريد إراقة دمائها». وكان الرئيس نيكولاس مادورو، أثناء تفقّده مركز أزمة انقطاع الكهرباء، قد أعلن عن تشكيل لجنة تقصي حقائق، تضمّ خبراء من روسيا والصين وكوبا وإيران، لمتابعة العملية التخريبية التي طاولت نظام التحكم الآلي بمحطة «سيمون بوليفار» الكهرومائية، والشكوك بشأن الهجوم الإلكتروني الذي استهدف أنظمة السد.
جددت موسكو دعوتها لحل الأزمة بشكل سلمي ومن دون تدخل خارجي


في الأثناء، لم تتأخر الولايات المتحدة في سحب مَن تبقّى من دبلوماسيّي سفارتها لدى كاراكاس، والذين كانت وزارة الخارجية الفنزويلية قد منحتهم مهلة 72 ساعة للمغادرة. وأعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أمس، أنه جرى استدعاء الطاقم الدبلوماسي الموجود في كاراكاس «بسبب خطورة الأزمة في فنزويلا». وقال بومبيو، في بيان، إن الدبلوماسيين «يواصلون مهمتهم من أماكن أخرى حيث سيستمرون في المساعدة في إدارة تسليم المساعدة الإنسانية للشعب الفنزويلي، ودعم الأفرقاء الديموقراطيين الذين يقاومون الطغيان بشجاعة». وأضاف إن هؤلاء الدبلوماسيين المغادرين «يبقون أوفياء لمهمتهم القاضية بدعم تطلعات سكان فنزويليا إلى العيش في ظل ديموقراطية، وبناء مستقبل أفضل لعائلاتهم». وجدد بومبيو دعم بلاده لانقلاب خوان غوايدو، رابطاً العودة الدبلوماسية إلى كاراكاس بالوقت الذي يبدأ فيه «الانتقال الديموقراطي». كلام بومبيو الذي يؤكد أن التواصل الدبلوماسي مع فنزويلا ولو بحدّه الأدنى لن يعود في الوقت القريب، يشي بأن التعامل الأميركي مع فنزويلا سينحو إلى مزيد من التصعيد.
في غضون ذلك، جددت موسكو دعوتها لحل الأزمة الفنزويلية. وخلال لقاء مع نظيره الفنزويلي خورخي أرياسا، أمس، على هامش الدورة السنوية الـ 62 للجنة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات في فيينا، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى حل الأزمة بشكل سلمي ومن دون تدخل خارجي.