على رغم التصريحات المتفائلة والأجواء الحماسية والودّية التي سادت قبيل انعقاد القمة الثانية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون، إلا أن «خيبة الأمل» كانت النتيجة التي تمخّضت عنها القمة، بعد مغادرة الزعيمين من دون عقد اتفاق، الأمر الذي يحرم ترامب من انتصار في السياسة الخارجية كان في أمسّ الحاجة إليه، خصوصاً في ظلّ الضغوط التي يواجهها في الداخل. فقد أعلن البيت الأبيض أن الرئيسين «ترامب وكيم لم يتوصّلا لاتفاق بعد اجتماعات عقداها على مدى يومين، لكنهما أجريا محادثات بنّاءة بشأن نزع سلاح كوريا الشمالية واقتصادها». وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، في بيان: «لم يتوصّلا لاتفاق هذه المرة، لكن فريقيهما يتطلّعان للاجتماع في المستقبل».
علامات الفشل ظهرت مبكراً مع تقليص المدة المقررة للمحادثات (أ ف ب )

علامات الفشل ظهرت في وقت باكر أمس، مع تقليص المدة المقررة للمحادثات، قبل الإعلان رسمياً عن عدم التوصل إلى اتفاق. أما كلمة السر وراء ذلك، فقد كانت «العقوبات»؛ إذ أدى تجاهل واشنطن لدعوات تقديم حوافز لبيونغ يانغ، رداً على إجراءات اتخذتها الأخيرة، إلى فشل في إبرام اتفاق. لكن ترامب برّر، في مؤتمر صحافي عقب القمة، هذا الفشل بالقول إن «كوريا الشمالية لم تكن مستعدة لتقديم ما نريده لرفع العقوبات»، موضحاً أن «الزعيم الكوري الشمالي يريد نزع السلاح النووي، لكن في مناطق محددة فقط». وأضاف الرئيس الأميركي: «كان بإمكاننا التوقيع على اتفاق اليوم، لكننا اتفقنا على التأجيل»، وتابع: «بحثنا تفكيك موقع يونغبيون، وكيم أبدى استعداده، لكنه أراد تخفيف العقوبات». وأكد ترامب، أيضاً، أنه «لن يلتزم بقمة ثالثة بينه وبين رئيس كوريا الشمالية»، مشيراً إلى أنه «أمّن التزاماً مستمراً من كيم، خلال عشاء معه (أول من) أمس، لوقف الصواريخ والاختبارات النووية». وقال: «لن يقوم (كيم) باختبار الصواريخ والنووي، أثق به وسأثق بوعده. وآمل أن يكون هذا صحيحاً». وتابع ترامب، معلّقاً على وتيرة المفاوضات البطيئة: «قلت منذ البداية إن السرعة ليست مهمة بالنسبة لي، ونحن لا نريد سوى إبرام الاتفاق الصحيح، وكوريا يمكن أن تصبح، في حال التوصل إلى اتفاق، قوة اقتصادية».
وعلى رغم الفشل، إلا أن الأجواء بين الرئيسين ظلّت ودية حتى في ختام المحادثات، الأمر الذي يعطي أملاً للبعض في التوصل إلى نتيجة أفضل في المستقبل. لكن متابعين رأوا أن هذا الفشل كان متوقعاً، وأن ترامب كان قد «بالغ في تفاؤله». وفي السياق، برّر الدبلوماسي الأميركي السابق، جوزيف يوان، عدم التوصل إلى اتفاق بـ«غياب الإعداد للقمة». وأوضح يوان، الخبير في شؤون كوريا الشمالية، أن «القمم عادة ما تنطوي على الكثير من العمل، ويكون الاتفاق أمراً مفروغاً منه»، مستدركاً بالقول: «لكن هذه المرة رأينا إعداداً ضئيلاً للغاية. قمة سنغافورة لم يكن فيها مادة تكون على الأقل أساساً، وكان هناك بحث عن شيء ما». من جهتها، ذكرت شبكة «سي أن أن» أن «الآمال بتوقيع اتفاق سلام ينهي رسمياً الحرب الكورية، تضاءلت».
وكانت الساعات الأخيرة، التي سبقت انتهاء القمة، قد شهدت تغييرات مفاجئة طاولت برنامج المحادثات واللقاءات التي انتهت قبل وقتها المحدّد. ووفق موقع «سي أن أن»، فإن «المحادثات تم اختزالها واختصارها»، مشيراً إلى أنه «تم إبلاغ الصحافيين في وقت باكر (أمس) أن المفاوضات سوف يتم اختتامها في غضون 30 ـــ 45 دقيقة». وبذلك، فإن الغداء الذي كانت مقررة إقامته بين الطرفين تم إلغاؤه. وكان ترامب، في وقت سابق، قد قلّص توقعاته بتحقيق تقدم ملموس مع الزعيم الكوري خلال محادثاتهما. وأشار إلى أنه «ليس في عجلة من أمره للتوصل إلى اتفاق، حتى مع استمرار كوريا الشمالية في تطوير برنامج الأسلحة النووية». أما كيم، فقال للصحافيين: «من السابق لأوانه الحديث عن اتفاق، لكن ما أشعر به هو أن نتائج جيدة ستظهر قريباً». وخلال جلسة موسعة مع مساعدين لهما، ناقش الرجلان إمكانية افتتاح مكتب أميركي في بيونغ يانغ، وهو الأمر الذي لاقاه كيم بالترحاب، فيما اعتبره ترامب «فكرة جيدة».