في وقتٍ من المفترض فيه أن تسيطر فيه الأجواء الإيجابية، مرحلياً، على العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، خصوصاً بعد جولة المحادثات «الناجحة» التي جرت أول الشهر الجاري، لا تتوانى واشنطن عن «إثارة المشاكل» مع الصين، كلّما سنحت لها الفرصة. في آخر تزامن مع بدء الإعداد للجولة الثانية من المحادثات التجارية، التي ستجري في بكين يومَي الخميس والجمعة المقبلين، عبرت سفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في بحر الصين الجنوبي. وهو الأمر الذي «استفز» بكين، إذ اتهمت الولايات المتحدة بأنها تريد «إثارة المشاكل». وأكدت وزارة الخارجية الصينية، على لسان المتحدث باسمها هوا شو ينغ، أن «المدمرتين أبحرتا في مياه مضيق سبراتليز على مقربة من شعاب ميستشيف (ميجي بالصينية) المرجانية»، مضيفاً في مؤتمر صحافي أمس، أن «الولايات المتحدة تبدو مصممة على إثارة المشاكل في بحر الصين الجنوبي، واختلاق التوترات وتقويض السلام والاستقرار». كذلك، حثّ هوا واشنطن على «الوقف الفوري لأفعالها الاستفزازية»، مشيراً إلى أن هذه الخطوة «الاستفزازية» تأتي بالتزامن مع قرب بدء المحادثات التجارية بين بكين وواشنطن. وتعليقاً على هذا التطور، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي قوله إن «سفينتين حربيتين أميركيتين أبحرتا اليوم الاثنين (أمس) قرب جزر تدّعي الصين السيادة عليها في بحر الصين الجنوبي»، مضيفاً أن «المدمرتين المزودتين بصواريخ موجهة أبحرتا على مسافة 12 ميلاً بحرياً من شعب مستشيف المرجانية الواقعة في جزر سبراتلي المتنازع عليها». بدوره، قال المتحدث باسم الأسطول الأميركي السابع كلاي دووس، إن «اقتراب المدمرتين الأميركيتين يأتي في إطار حرية الملاحة والقوانين الدولية المعمول بها». يُذكر أنه لمقاومة المطالب الإقليمية الصينية ومنشآت الصين العسكرية في بحر الصين الجنوبي، تسيّر البحرية الأميركية بانتظام دوريات لسفنها الحربية هناك، في عمليات أطلق عليها اسم «حرية الملاحة». وفي أوائل كانون الثاني/ يناير الماضي، عبرت سفن حربية أميركية قبالة الجزر التي تسيطر عليها الصين في بحر الجنوب، وذلك في اليوم نفسه الذي عقدت فيه محادثات تجارية ثنائية.
ستبدأ الخميس مفاوضات بين كبار المسؤولين من الجانبين بشأن التجارة


في مقابل الرسائل العسكرية، تسعى بكين وواشنطن إلى الحفاظ على لغة الدبلوماسية لحلّ الخلافات بين البلدين، إذ استأنف البلدان مفاوضاتهما التجارية، بينما حذّر صندوق النقد الدولي من «عاصفة» قد تضرب الاقتصاد العالمي، مرتبطة جزئياً بزيادة في الرسوم الجمركية التي قررها البلدان العملاقان على جانبي المحيط الهادئ. وقبل أقل من ثلاثة أسابيع من المهلة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لفرض عقوبات تجارية جديدة على الصين، وصل مساعد ممثله للتجارة جيفري غيريش إلى بكين لإجراء محادثات تمهيدية، قبل بدء مفاوضات بين كبار المسؤولين في هذا الملف يوم الخميس المقبل، تشمل الممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر، ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، ونائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، وحاكم المصرف المركزي الصيني يي غانغ.
وبعدما عبّر الجانبان عن بعض التفاؤل في ختام الجولة الأولى من المفاوضات، أكدت إدارة الرئيس دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، أنه «ما زال هناك الكثير من العمل» قبل أن تتمكن القوتان الاقتصاديتان العظميان من تجاوز خلافاتهما العديدة. وذهب ترامب الذي كان قد أعلن عقد اجتماع مع الرئيس الصيني شي جين بينغ «في مستقبل قريب»، إلى حد التأكيد أنه لم يتقرر أي لقاء بين الرئيسين قبل موعد انتهاء مهلة الأول من آذار/مارس. وقد أكدت كيليان كونواي المستشارة الكبيرة في البيت الأبيض أمس، كلام ترامب، إذ قالت في تصريح لقناة «فوكس نيوز» إن «الرئيسين قد يلتقيان في المستقبل القريب»، مضيفة: «هذا ممكن... إنه يريد لقاء الرئيس شي قريباً جداً». ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان البلدان يقتربان من إبرام اتفاق للتجارة، قالت كونواي: «يبدو الأمر كذلك، بالتأكيد». أما وزارة الخارجية الصينية، فقد أبدت تفاؤلها، مؤكدة أن بكين تتطلع إلى «نتائج طيبة» من الاجتماعات الجارية في بكين.