تبنّى البرلمان البريطاني، أمس، في جملة تعديلات غير ملزمة للحكومة، إعادة التفاوض مع الأوروبيين وعدم الخروج بلا اتفاق. وإن كان الاتجاه الذي دعا إليه البرلمان يتوافق مع مطالب رئيسة الحكومة تيريزا ماي، التي استبقت ذلك بإبداء عزمها على إعادة التفاوض مع بروكسل، فإن التعقيد الأبرز الذي سيواجه ماي في الأيام المقبلة هو تصلّب أوروبي تجاه فتح المفاوضات. وانجلت منازلة النواب في مجلس العموم المنقسم عن تعديل يرفض خروجاً بلا اتفاق، وكذلك رفض مقترح تأجيل الخروج من الاتحاد تسعة أشهر إن لم يجرِ التوصل إلى اتفاق بحلول 20 شباط/ فبراير المقبل. وفي الوقت نفسه تبنّى البرلمان تعديلاً يطلب تغيير اتفاق «بريكست»، وخصوصاً البند المتعلق بشبكة الأمان وتجنب العودة إلى حدود فعلية بين مقاطعة إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا. جميع هذه التعديلات لا تُعدّ ملزمة لحكومة تيريزا ماي، وإن كانت تشكل في الوقت نفسه ألغاماً سياسية لا يمكن تجاوزها ببساطة. وجولة التصويت هذه كانت قد استبقتها ماي بالإعلان أنها أبلغت القادة الأوروبيين بأنها تريد إعادة فتح المفاوضات، كما صرحت أمام الحكومة، مقرّة بأن «تغييرات قانونية بشأن الباكستوب ستكون ضرورية للحصول على دعم مجلس العموم».ولئن تلقّفت ماي تصويت البرلمان لمصلحة صياغة اتفاق جديد مع بروكسل، وعدّته تفويضاً لها للشروع في مفاوضات جديدة، إلا أنها تواجه رفضاً أوروبياً لتعديل الاتفاق الحالي المرفوض من قِبَل النواب. الموقف الأوروبي عبّر عنه أمس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أثناء زيارته لقبرص، حيث رفض إعادة فتح المفاوضات، وشدد على أن ما جرى التوصل إليه في تشرين الثاني/ نوفمبر هو «أفضل اتفاق ممكن ولا يمكن إعادة التفاوض». وحثّ الحكومة البريطانية على أن تحدد «سريعاً» لكبير مفاوضي الاتحاد، ميشال بارنييه، «المراحل المقبلة التي تتيح تجنب خروج من دون اتفاق، الأمر الذي لا يتمناه أحد، ولكن علينا مع ذلك أن نستعد له جميعاً».
ماكرون: الاتفاق الحالي أفضل اتفاق ممكن ولا يمكن إعادة التفاوض


موقف ماكرون، تبناه الاتحاد الأوروبي، أمس، على لسان المتحدث باسم رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، الذي حذّر من أن الاتفاق بين لندن وبروكسل «غير قابل للتفاوض»، داعياً الحكومة البريطانية إلى «توضيح نياتها في أقرب وقت ممكن بالنسبة إلى الخطوات التالية التي تنوي اتخاذها». وأضاف أن «شبكة الأمان (الباكستوب) هي جزء من اتفاق الخروج، وهو اتّفاق غير قابل لإعادة التفاوض»، لكنه أوضح أنه إذا قدّمت بريطانيا «طلباً معقولاً» لإرجاء موعد دخول «بريكست» حيّز التنفيذ إلى ما بعد 29 آذار/ مارس، ووافقت الدول الأعضاء بالإجماع، عندها يمكن تأجيل موعد الاستحقاق.
إزاء هذه التطورات، من المتوقع أن تواجه ماي تحدّياً دبلوماسياً صعباً مع بروكسل، لا مناص من سلوكه لتجنب الصدام مع البرلمان البريطاني، والتوصل إلى اتفاق جديد، وهي مهمة يزيد من صعوبتها التمسك الإيرلندي بـ«بند باكستوب». وأمس، أقرّت ماي بصعوبة المسار الجديد، بالقول: «إن التفاوض حول تغيير من هذا النوع لن يكون سهلاً. هذا يعني إعادة فتح النقاش حول اتفاق الانسحاب، وهي خطوة أعرف بأن استعدادات شركائنا الأوروبيين تجاهها ضئيلة»، مستدركة بـ«إنني أعتقد أنه بتفويض من هذا المجلس (البرلمان)، أستطيع الحصول على هذا التغيير».