انشغل المحللون والمعلقون في فرنسا، منذ مساء السبت الذي شهد الجولة الخامسة من الاحتجاجات، في محاولة جسّ نبض الشارع: هل خفت الغضب الشعبي فعلاً بالتوازي مع تراجع عدد الناس في الشارع؟ الإعلام المهيمن الذي باتت يمكن تسميته مجازاً «الإعلام الرسمي»، اشتغل بلباقة وإصرار منهجي على نعي الحركة الشعبية. أصدر حكمه المبرم بأنها فقدت زخمها، بعدما كان قد أشاع جوّاً من الحذر والخوف والإحباط طوال الأسبوع. استعمل «إعلام النظام» فزّاعة عناصر الشغب تارة، وشبح الإرهاب تارة أخرى، مراهناً على انقسام «السترات الصفر» مؤكداً تجاوب جزء منهم مع مقترحات الرئيس إيمانويل ماكرون. في الحقيقة، لم يفعل ماكرون سوى ذرّ الرماد في العيون، وشعبيته تتراجع في الإحصاءات، والغضب الشعبي إلى تصاعد كما تقول أصوات المعارضة، وتُظهر مواقع التواصل الاجتماعي. هل هي «هدنة» لالتقاط الأنفاس بعد أسابيع مضنية في الشارع؟ والأهم من ذلك: هل أفلت ماكرون، ومعه النظام السلطوي الليبرالي الذي أرساه على حساب الطبقة الوسطى والفقراء، من الحساب الحقيقي؟ بالإمكان القول إن عرش ماكرون ترنّح ولم يسقط، لكن اختبار الأسابيع الماضية يشير إلى أن الأصعب ما زال في انتظاره، وأن الشارع سيضع عاجلاً أو آجلاً حدّاً لسياساته القائمة على تحطيم «النموذج الاجتماعي الفرنسي»... وأن الحساب الحقيقي سيظهر خلال الانتخابات الأوروبية مطلع الصيف