في ختام يوم طويل من الصدامات، أوقفت السلطات الفرنسية 1723 شخصاً في جميع أنحاء البلاد خلال الجولة الأخيرة من تظاهرات حركة «السترات الصفراء» أمس، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية اليوم.وقالت الوزارة إن 1220 من بين مجموع الموقوفين حُبسوا قيد التحقيق، نتيجة الاشتباكات بين محتجي «السترات الصفراء» وشرطة مكافحة الشغب، لا سيّما في العاصمة باريس التي تحوّلت شوارعها الرئيسية إلى ساحة حرب. الاحتجاجات التي شارك فيها هذه المرة 136 ألف شخص في فرنسا ونحو 10 آلاف في باريس وحدها وفق بيانات الداخلية، نتج منها إصابة العشرات من المتظاهرين، قُدروا بنحو 120 جريحاً، في حين سُجّل إصابة نحو 33 شرطياً.
مواجهات يوم أمس كانت أقل عنفاً حتى منتصف النهار، مقارنةً بالفترة نفسها خلال الأسبوع الماضي. لكن مع حلول ساعات المساء، تغير المشهد مع انتشار عناصر شرطة مكافحة الشغب، الذين حاولوا منع المتظاهرين من الزحف باتجاه شارع الشانزليزيه والقصر الرئاسي، وأطلقوا الغاز المسيل للدموع. وأظهرت مقاطع فيديو استعانة قوات الأمن بأسلحة أخرى، مثل خراطيم المياه والرصاص المطاطي والهراوات في مناطق عدة من باريس.
الصدامات سرعان ما تحولت إلى معارك كر وفر بين الطرفين، قبل أن تخف حدتها مع حلول المساء، حيث تجمع الآلاف من المتظاهرين في ساحة الجمهورية قبل أن يغادروها. وفي الإطار عينه، أظهرت لقطات فيديو مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين في مدن أخرى، مثل مرسيليا وبوردو.

أظهرت لقطات فيديو مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين (أ ف ب )

ماكرون «يتغطرس» مجدداً
خلافاً لما توعّد به قبل أسبوع، حين أعطى تعليمات بتغيير استراتيجية وتكتيك احتواء الاحتجاجات، خرج الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في نهاية يوم طويل، بتصريح استفزازي، يماثل أسلوبه «المتغطرس» في التعامل مع الشعب الفرنسي، وفق توصيف صحيفة «ذي غارديان» البريطانية. ماكرون وجّه في تغريدة عبر «تويتر» الشكر لقوات الشرطة الفرنسية، قائلاً: «إلى جميع قوى النظام المعبأة اليوم، أشكركم على الشجاعة والمهنية الاستثنائية التي أظهرتموها». وهي قوى النظام التي نفذت بالأمس حملة اعتقالات غير مسبوقة طاولت، بشكلٍ خاص، المتظاهرين الذي نددوا بسياسات ماكرون ونادوا برحيله.
وبانتظار أن يباشر ماكرون الاثنين إجراءات جديدة في مواجهة هذه الأزمة الاجتماعية التي تشكل امتحاناً لولايته الرئاسية، رأى رئيس الوزراء الفرنسي، إدوار فيليب، أنه «حان وقت الحوار». وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنير، أمس، قال فيليب: «أصبح علينا إعادة نسج الوحدة الوطنية»، التي تعرّضت لهزة في هذا التمرد الشعبي غير المسبوق، مؤكداً أن الرئيس ماكرون «سيتحدث» ـ ربما الاثنين ـ و«سيعود إليه أمر اقتراح الإجراءات»، ليُتاح «لكل الأمة الفرنسية أن تجتمع من جديد».