مهّدت منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» للعودة إلى القيود على الإنتاج بتقرير نشرته أمس، عرضت فيه مبررات خفض الإنتاج. التقرير يأتي بعد تصريحات سعودية صريحة بخفض الإنتاج نصف مليون برميل، وهي تصريحات سبقت معلومات جرى تداولها عن مسعى سعودي روسي لإعادة تفعيل اتفاق خفض الإنتاج. وعلى رغم من أن التوجه الجديد الذي يبدو أن «أوبك» والبلدان المنتجة من خارجها ستسير فيه لا يعجب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإنّ من المرجح أن يُقرّ في اجتماع المنظمة المقبل المقرّر في السادس من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، والمخصص لرسم سياسة إنتاج جديدة لعام 2019 المقبل.ويخشى المنتجون من تخمة معروض قد تظهر العام المقبل في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي وزيادة إنتاج منافسين بوتيرة أسرع من المتوقع، وفق ما جاء في التقرير. فقلق «أوبك» من تراجع الأسعار جراء زيادة الإمدادات، يستوجب إلغاء رفع القيود الذي أقرّ قبل أشهر، والعودة إلى اتفاق الخفض المتفق عليه بين المنظمة والبلدان المنتجة من خارجها (روسيا). ويظهّر التحول في سياسة «أوبك» بعد أشهر من التراجع ومن رفع السعودية لإنتاجها، انحسار تأثير العقوبات الأميركية على إيران، وقد ساعد على ذلك إقرار واشنطن الإعفاءات لغالبية الدول المستوردة من طهران، ما بدد المخاوف من النقص في الإمدادات. وقد أدى غياب تراجع تأثير العقوبات إلى انخفاض أسعار النفط واستقرارها نسبياً، وسجلت أمس بعد نشر التقرير تداولاً دون 69 دولاراً للبرميل الواحد.
أدى غياب تراجع تأثير العقوبات إلى انخفاض أسعار النفط


ويأتي التقرير بعد يوم واحد على موقف ترامب الرافض لخفض المعروض، في تغريدة على «تويتر» أول من أمس كتب فيها: «نأمل ألّا تخفض السعودية وأوبك الإنتاج. أسعار النفط يجب أن تكون أقل كثيراً استناداً إلى الإمدادات!»، وقد سبّبت هذه التغريدة هبوطاً سريعاً للأسعار بنسبة قاربت 2,8 في المئة. وسبق موقف ترامب، تصريح لوزير البترول السعودي خالد الفالح، أوضح فيه أن «أوبك» وحلفاءها متفقون على أن التحليل الفني يظهر الحاجة إلى تحقيق التوازن في السوق من طريق خفض المعروض النفطي العام القادم بنحو مليون برميل يومياً، مقارنة بمستويات تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وكثيراً ما اتهمت طهران الرئيس الأميركي بالمسؤولية عن ارتفاع الأسعار جراء سياسة العقوبات التي ينتهجها. وتضع خطط «أوبك» لخفض الإنتاج علامات استفهام حول فرص مخطط ترامب للمضي بالعقوبات تدريجاً عند انتهاء مهلة الأشهر الستة الممنوحة للدول الثماني المستثناة من الحظر.
وبالعودة إلى تقرير «أوبك»، فقد أوضح أنه «رغم وصول سوق النفط إلى التوازن حالياً، فإن توقعات 2019 لنمو معروض من خارج أوبك تشير إلى أحجام أعلى تتجاوز نمو الطلب العالمي على النفط، ما يفضي إلى اتساع فائض المعروض في السوق»، معتبراً أن «خفض توقعات نمو الاقتصاد العالمي في الفترة الأخيرة وأوجه عدم التيقن ذات الصلة يؤكدان الضغط المتصاعد على الطلب النفطي والملحوظ في الأشهر الأخيرة». ولفت التقرير إلى أن إنتاج المنظمة شهد زيادة في تشرين الأول/أكتوبر، وتوقع أن العالم في 2019 سيحتاج 31,54 مليون برميل يومياً من أعضائها الـ 15، بانخفاض يقارب 250 ألف برميل يومياً عن توقعات تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما يكشف فائضاً في المعروض بنحو 1,36 مليون برميل يومياً إذا تواصل ضخ الكميات ذاتها في السوق.
وبشأن إيران، سجلت بيانات «أوبك» تراجع إنتاج في تشرين الأول/أكتوبر الماضي (الشهر السابق لدخول العقوبات حيز التنفيذ) بنسبة 4,5 في المئة، بمعدل 156 ألف برميل، أي بما يقدَّر بإنتاج يومي يصل إلى 3,296 ملايين برميل، بعد أن سجل 3,452 ملايين في أيلول/ سبتمبر، بتراجع يوازي قرابة نصف مليون برميل في 10 أشهر، من دون ذكر أرقام بشأن الصادرات.