فصل جديد من فصول التجسس الروسي ــ الأوروبي فتح على يد فيينا التي اتهمت ضابطاً في الجيش باحتمالية التجسس لمصلحة روسيا لمدة ثلاثة عقود، وفق إعلان المستشار النمسوي سيباستيان كورتز، فيما تمّ استدعاء السفراء في كلِا البلدين على خلفية القضية. وخلال مؤتمر صحافي عقد أمس، أوضح كورتز، أنه يُشتبه في أن «الكولونيل بدأ العمل مع الاستخبارات الروسية في تسعينيات القرن الماضي واستمر حتى 2018».فوراً، استدعت وزيرة الخارجية النمسوية كارين كنايسل، السفير الروسي على خلفية القضية، وألغت زيارة مقررة إلى روسيا. ورأى المستشار النمسوي أنه «في حال تأكيد مثل هذه الحالات، إن كان في هولندا أو في النمسا، فإن ذلك لا يمكنه أن يسمح بتحسين العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا». وأكد أنّ «التجسس الروسي في أوروبا غير مقبول ويجب أن يُدان». أما وزير الدفاع ماريو كوناسيك، فأعلن أنّ القضية تكشّفت «قبل بضعة أسابيع، إثر معلومات من وكالة استخبارات أوروبية أخرى». في المؤتمر الصحافي نفسه، قال كوناسيك: «لا يمكننا القول حالياً ما إذا كانت حادثة معزولة أو لا»، مؤكداً أن الكولونيل سلّمه «معدات تقنية»، منها جهاز كومبيوتر محمول يتم تفحصه حالياً.
وتابع كوناسيك أن الكولونيل قال خلال استجوابه إن الروس كانوا مهتمّين «بأنظمة أسلحة، خلال وضع الهجرة الذي كان سائداً في النمسا في السنوات القليلة الماضية»، مضيفاً أن القضية تشير إلى أنه «حتى بعد نهاية الحرب الباردة، استمرّت عمليات التجسّس، وتظهر لنا الحاجة لتشديد شبكتنا الأمنية داخل النمسا وفي وزارة الدفاع». ووفق تقارير وسائل إعلام نمسوية، فإن الكولونيل تلقّى 300 ألف يورو (340 ألف دولار) لقاء خدماته. وأحالت السلطات النمسوية القضية إلى النيابة العامة، وباشرت التحقيق مع الضابط.
ولم يتأخر رد موسكو على اتهامات فيينا، إذ قالت وسائل إعلام روسية إن وزارة الخارجية استدعت سفير النمسا في موسكو يوهانيس آيغنر إلى مقرها للتباحث في شأن القضية التي تحدثت عنها السلطات النمسوية. بدوره اعتبر وزير الخارجية سيرغي لافروف أنّ ادعاءات التجسس تعد «مفاجأة مزعجة». وانتقد عدم تواصل النمسا مع روسيا بخصوص ادعاءات التجسس، قائلاً: «لقد تلقيت هذه الادعاءات على أنّها مفاجأة مزعجة، كان يتوقع صدور تفسير من الطرف المقابل، إلا أنّه في الآونة الأخيرة يلجأ شركاؤنا الغربيون بكل أسف إلى ديبلوماسية الميكروفون من خلال إلقاء اللوم علينا أمام الرأي العام خلافاً للنهج الديبلوماسي التقليدي».
يُذكر أن هذا ثاني اتهام أوروبي لروسيا بالتجسس منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد إعلان هولندا أنها أحبطت محاولة قرصنة روسية كانت تستهدف منظمة «حظر الأسلحة الكيميائية» في لاهاي. ومحاولة القرصنة المفترضة هذه، جرت في نيسان/ أبريل الماضي، فيما كانت المنظمة تحقّق في تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا، والذي نسبته لندن إلى عناصر الاستخبارات العسكرية الروسية.