تستعد الولايات المتحدة لفرض عقوباتٍ إضافية على روسيا، على خلفية قضية محاولة اغتيال الجاسوس السابق سيرغي سكريبال، في بريطانيا، قبل أشهر، التي اتهمت لندن الكرملين بتدبيرها وفرضت على إثر ذلك حزمة من العقوبات على الروس. وأعلنت الخارجية الأميركية اليوم في بيان أن واشنطن تعتزم «المضي وفقاً بنود القانون (قانون الأسلحة الكيميائية والبيولوجية) والتي توجه تطبيق عقوبات إضافية». تابع البيان أن وزارة الخارجية أجرت محادثات مع الكونغرس أفضت إلى الدفع لمعاقبة روسيا.
يأتي ذلك بعد ثلاثة أشهر على إعلان الولايات المتحدة أن روسيا انتهكت قانوناً أميركياً يسعى لمنع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، لتبلغ وزارة الخارجية الكونغرس في متابعةٍ بتفويض قانوني، أن موسكو لم تلتزم. وبموجب القانون الأميركي، يتعيّن على وزارة الخارجية فرض مزيد من العقوبات بعد ثلاثة أشهر على قرارها الأول، ما لم تثبت دولة ما أنها غيّرت مسارها بشأن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، من خلال دعوة خبراء دوليين على سبيل المثال.
ومن المتوقّع أن تردّ روسيا على العقوبات الأميركية بالمثل، إذ في آب/أغسطس الماضي، حذّر رئيس الحكومة ديمتري مدفيديف، من أن فرض مزيد من العقوبات سيكون بمثابة «إعلان حرب تجارية»، كما قال الكرملين إن فرض عقوبات جديدة سيكون غير قانوني وإن روسيا سترد بتدابير مماثلة.

لا أفق أمام تطبيع العلاقات
في الأثناء، أعلن المتحدّث باسم الكرملين دميتري بسكوف، أن روسيا لا ترى «أي أفق لتطبيع» في العلاقات مع واشنطن، لكنه أكّد أن روسيا لا تزال تريد حواراً مع الولايات المتحدة. ومن المقرر أن يلتقي الرئيسين الأميركي والروسي بشكلٍ مقتضب في باريس في ذكرى مئوية نهاية الحرب العالمية الأولى، بعد أيّام، على أن يعقدا لقاءً ثنائياً، الأوّل منذ قمّة هلسنكي، على هامش قمّة العشرين في الأرجنيتن، نهاية الشهر الحالي.
ويأتي هذا على وقع انتزاع الديموقراطيين السيطرة على مجلس النواب الأميركي في انتخابات منتصف الولاية الرئاسية اليوم، علماً أن نواباً من مختلف الانتماءات السياسية طالبوا بردّ قوي على روسيا، رغم سعي الرئيس دونالد ترامب للتقرّب من بوتين.

لا للدولار!
تزامناً مع الإعلان الأميركي، تكثّف موسكو جهودها لوقف اعتماد اقتصادها على الدولار، إذ من شأن عقوباتٍ أخرى مرتبطة بالملف الأوكراني حرمان روسيا من الوصول إلى أسواق الدين الأجنبية، وقطع العملة الخضراء عن مصارفها.
يذكر أن الحزمة الأولى من العقوبات الأميركية تفرض حظراً على مبيعات الأسلحة إلى روسيا وغيرها من المنتجات التي تدخل في إطار الأمن القومي، وتجميد أي ضمانات ائتمانية من الحكومة الأميركية لروسيا. والعقوبات التي أعلنت في آب/أغسطس تسببت في تدهور الأسهم الروسية وتراجع الروبل إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار في نحو عامين.
وجاء تدهور الأسهم والعملة على الرغم من أن الأثر المباشر للعقوبات الأولى كان محدوداً، نظراً لأن روسيا- المنافس الكبير للولايات المتحدة كمصدّر للأسلحة - لا تشتري أسلحة من الولايات المتحدة.
ووسط مخاوف دوائر الأعمال الروسية من جولة جديدة من التدابير الأميركية ضد موسكو على خلفية ضم القرم والنزاع في أوكرانيا، اتخذت السلطات الروسية الآن خطوات ملموسة على أمل تحقيق هدفها القديم. ومن المتوقع أن تعرض وزارة المال والبنك المركزي الروسيان في وقت قريب أمام رئيس الحكومة ديمتري مدفيديف، تدابير لزيادة استخدام عملات أخرى في المداولات التجارية الدولية.