تتخذ الاتفاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا وكوبا حيزاً واسعاً من زيارة الرئيس الكوبي الجديد، ميغيل دياز ــ كانيل، لموسكو، فقد أعلن البلدان اليوم عزمهما على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية «الاستراتيجية»، خلال اللقاء الذي جمع دياز ــ كانيل بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، ضمن هذه الزيارة التاريخية التي توحّد مواقف الحليفين القديمين، وخصوصاً تجاه واشنطن. وحثّ قائدا البلدين الحليفين، الولايات المتحدة على رفع حصارها عن الجزيرة الكاريبية التي يزور رئيسها موسكو لثلاثة أيام في زيارة رسمية بدأت، أمس. كذلك، تعهّد البلدان اللذان تربطهما علاقات مميزة منذ أيام الحرب الباردة، اليوم، بأن يطوّرا العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بينهما، فيما أشاد دياز ــ كانيل الذي انتخب رئيساً لكوبا في نيسان الماضي، بالعلاقات «الأخوية» التي تربط بلاده مع روسيا.

البعد الاقتصادي للزيارة
في الأثناء، أعلن بوتين أن روسيا على استعداد لمساعدة كوبا في تحديث البنية التحتية للنقل، ما سيساهم في زيادة حركة نقل الركاب في البلاد بنحو ثلاث مرات، ويضاعف حركة الشحن.
من جهةٍ ثانية، نقلت وكالة «تاس» الروسية أن الحديث يجري عن احتمال منح روسيا لكوبا مبلغ 38 مليون يورو، في إطار التعاون العسكري التقني بينهما. ونقلت الوكالة عن نائب وزير المال الروسي سيرغي ستورشاك قوله إن تفاصيل الاتفاقية التقنية ستناقش في «المستقبل القريب»، بين تقنيين من كلا البلدين، وعلى ضوء المناقشات ستوقع اتفاقية في هذا المجال.
كذلك، قد تسفر الزيارة عن بيع أسلحةٍ لهافانا، وفق ما ورد في صحيفة «كومرسانت» الروسية في وقتٍ سابق. وقالت الصحيفة إن روسيا قد تمنح كوبا قرضاً بقيمة 50 مليون دولار لشراء معدّات عسكرية روسية. وكان المتحدّث باسم الكرملين، ديمتري بسكوف، قد أعلن في وقتٍ سابق أن موضوع التعاون العسكري مطروحٌ على أجندة المناقشات بين مسؤولي البلدين خلال الزيارة، رافضاً في الوقت نفسه، التعليق على ما أوردته «كومرسانت». كذلك، أعلن الكرملين اليوم أن شركة النفط الروسية «روسنفت» بدأت عمليات تنقيب في المياه الكوبية.
وأبرمت روسيا وكوبا، الشهر الماضي، اتفاقات وصفقات تجارية وصناعية بقيمة تجاوزت الـ 260 مليون دولار، وذلك في إطار نهج يهدف الى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وفق ما نقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، قوله بعيد زيارةٍ له لكوبا في وقتٍ سابق. من ضمن الاتفاقات، اتفاقٌ بـ 100 مليون دولار لتحديث 3 محطات للطاقة، وآخر بـ 60 مليون دولار للمرحلة الثانية من تطوير مصنع للتعدين، إضافة الى اتفاق ثالث بقيمة 100 مليون دولار لتزويد كوبا بقاطرات السكك الحديدية.

بعدٌ تاريخي؟
جمعت كوبا وروسيا علاقة متينة خلال الحرب الباردة، فقد دفع الاتحاد السوفياتي ملايين الدولارات لدعم حليفه الأميركي اللاتيني بمواجهة الولايات المتحدة الأميركية، بلغت ذروتها في أوائل ستينيات القرن الماضي. وبعيد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، تراجع مستوى التعاون بين البلدين نتيجة الصعوبات الاقتصادية التي واجهت موسكو ومنعتها من تقديم مساعدات إضافية لحليفها المحاصر.
لكن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي زار كوبا مرتين، عام 2000 و2014، يعمل على تعزيز العلاقات بين هافانا وموسكو. وقد دعاه الرئيس الكوبي اليوم إلى زيارة هافانا خلال عام 2019. ووحّد البلدان اليوم أيضاً موقفهما من انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة حظر الأسلحة النووية. ودعا البلدان الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في عزمها الانسحاب من المعاهدة النووية، وقالتا إن هذه الخطوة لها آثار سلبية كبيرة على الأمن العالمي. ولعلّ دعوةَ موسكو، أول من أمس، الولايات المتحدة إلى رفع عقوباتها عن كوبا، يشكّل دعماً إضافياً للعلاقات الروسية ــــ الكوبية، عدا عن تأكيد رئيسَي البلدين على هذا الموقف في بيانهما اليوم. وكانت موسكو قد انتقدت العام الماضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعدما أعاد النظر باتفاق توصل إليه سلفه باراك أوباما لإعادة العلاقات مع هافانا. يأتي ذلك فيما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، بشبه إجماع قراراً يدعو إلى رفع الحظر الأميركي المفروض على كوبا منذ 1962.