عَيَّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حليفه ورئيس حزبه الحاكم، كريستوف كاستانير، وزيراً للداخلية، وذلك في مسعى منه لإيجاد شيء من الاستقرار الحكومي، بعد سلسلة استقالات عرقلت مساعي ماكرون لإدخال إصلاحاته على الحكم، في وقتٍ يخضع فيه رئيس حزب اليسار، جان لوك ميلانشون، إلى حملةِ تحقيق وتفتيش لمنزله، قابلها بالاستنكار الشديد. بتكليف كاستانير بمنصب وزير الداخلية، يحقّق ماكرون هدفين، هما وجود حليف وثيق في منصب مهم وتولي شخص يثق به حقيبة وزارية حساسة، خصوصاً أن كاستانير (52 عاماً) الاشتراكي السابق، كان من أبرز داعمي ماكرون منذ طرح الأخير تعديلاته الاقتصادية الجدلية عندما كان وزيراً للاقتصاد عام 2015. ولدى انتخاب ماكرون، عُيّن كاستانير متحدّثاً باسم الحكومة ووزيراً للشؤون البرلمانية، وذلك بعدما غادر الحزب الاشتراكي، ليترشّح إلى البرلمان عن «حزب الجمهورية إلى الأمام»، وصولاً إلى تعيينه رئيساً للحزب.
ويتعين على كاستانير الآن، في منصبه الجديد، العمل على بعض النقاط الحساسة: تعيين جهاز شرطة خاص بالأحياء الصغيرة، تعزيز الأمن في الضواحي المهمّشة، وإعادة تنظيم الجهاز الممثّل للمسلمين في فرنسا، بما يساعد على محاربة التطرف.
يأتي هذا التعديل الوزاري بعد استقالة وزير الداخلية جيرار كولومب، الذي كان من داعمي ماكرون، في الشهر الحالي، فيما كان من المتوقع أن يعلن الرئيس الفرنسي التعديل الوزاري الأسبوع الماضي، لكنه قال إنه يريد المزيد من الوقت لضمان اتخاذ القرارات الصحيحة. في المقابل، اعتبر معارضوه أن هذا التأخير يثير تساؤلات بشأن عمق الخبرة السياسية التي يملكها حزبه.
سابقاً، استقال وزير المالية برونو لو مير، الذي كان مشرفاً على مسعى ماكرون لإصلاح منطقة اليورو، ووزير الخارجية جان إيف لو دريان من منصبيهما. ومعظم التعيينات الجديدة هي في مناصب وزارية أقل حساسية وتشمل وزارات الزراعة والثقافة وأقاليم ما وراء البحار.

تفتيش منزل ميلانشون!
صباح اليوم، خضع منزل النائب اليساري جان لوك ميلانشون لتفتيش في إطار تحقيقين تمهيديين في شأن حسابات مالية مرتبطة بحملته الانتخابية للرئاسة عام 2017، وفي شأن مساعديه في البرلمان الأوروبي، إذ تدور شكوك في شأن وظائف وهمية في البرلمان الأوروبي مرتبطة بميلانشون. وتمّ تفتيش مركز «حزب اليسار» ومركز حركة «فرنسا المتمردة» في باريس اللذين يرأسهما ميلانشون عشرات المرات، وتم البحث في هواتف وحواسيب العاملين فيها.
نفى ميلانشون أي خرق للقانون الانتخابي، كما استنكر ما وصفه بأنه محاولة لترهيبه واعتبر أن التحقيق والتفتيش ما هو إلّا «عملية شرطة سياسية». «أنا برلماني، لا يمكنكم لمسي! ولا يمكنكم منعي من الدخول إلى منزلي!»، علّق ميلانشون بعدما أظهر فيديو نشرته صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية منع الشرطة له من الدخول إلى منزله ومنع الناشطين في حركته من الدخول إلى مركزهم.
واعتبر بعض الناشطين في الحركة، وفق صحيفة «لوموند»، أن تلك الخطوة تأتي في إطار «تخويف» قوّة «المعارضة الأولى في البلاد»، ووضعها في إطار «قمع» سياسي تمارسه السلطة بحقهم.
واستنكر محامي ميلانشون، ماتيو دافي، في حديث إلى وكالة «فرانس برس»، العملية «غير المسبوقة في الوسط السياسي»، مشبّهاً إياها بأنها «عملية مكافحة إرهاب». وفق الدستور الفرنسي، فإن النائب يتمتع بحصانة تمنع اعتقاله أو حجز حريته، لكنها لا تمنع تفتيش منزله.