ردّت إيران على تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لوكالة «بلومبيرغ»، حول أسواق النفط، واصفة، على لسان وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة، مواقف ابن سلمان بـ«الهراء». ورأى أن «مزاعم» ابن سلمان بأن بلاده قادرة على تعويض النفط الإيراني إذا تراجع جراء العقوبات الأميركية، لا يمكن أن يصدقها سوى الرئيس دونالد ترامب، قائلاً: «ابن سلمان لا يمكن أن ترضي إلا ترامب. لا أحد غيره سيصدقه». وشدد الوزير الإيراني على أن نفط بلاده «لا يمكن أن تعوضه السعودية»، موضحاً أن «ما يزود السعوديون السوق به، ليس من طاقة الرياض الفائضة لكن من السحب من مخزوناتها النفطية».كلام زنغنة أتى رداً على التصريحات التي أدلى بها ولي العهد السعودي لوكالة «بلومبيرغ»، وقال فيها إن السعودية «أوفت بوعدها» لواشنطن بتعويض إمدادات النفط الإيراني المفقودة بسبب العقوبات الأميركية. تصريحات بدت «متفائلة» جداً، ومجافية للوقائع في الأسواق، وهو ما تجلى بوضوح في غضب الرئيس الأميركي من ارتفاع الأسعار. وهو واقع يصبّ في مصلحة طهران على ما يبدو، إذ إن الولايات المتحدة تواجه مصاعب في إرغام شركائها على تعويض النفط الإيراني، وقد تبدّى ذلك في زيارة ابن سلمان الفاشلة للكويت، حيث لم يفلح في الاستجابة للمطالب الأميركية بفتح إنتاج الحقول المتنازع عليها بين الجارين الخليجيين. وتشير طهران إلى الأسعار المرتفعة في الأسواق للدلالة على حاجة السوق إلى النفط الإيراني، وهو ما علّق عليه زنغنة بالقول: «صعود السعر في السوق خير دليل على أن السوق تواجه نقصاً في المعروض والقلق يساورها». واتهم الرياض بالرضوخ للضغط الأميركي، معتبراً أن تصريحات ابن سلمان ليس لها «أثر حقيقي على السوق» إلا أنها جزء من «حرب نفسية» على إيران و«أي بلد يزعم مثل هذه المزاعم لا يريد سوى إظهار تأييده للعقوبات الأميركية».
وصف وزير النفط الإيراني تصريحات ابن سلمان بـ«الهراء»


حائط شبه مسدود اصطدمت به واشنطن عشية دخول عقوباتها على النفط والغاز الإيرانيين حيز التنفيذ، جراء عوامل ثلاثة، يبدو أنها ستدفعها نحو أخذ مواقف أكثر واقعية. الأول، عدم استجابة الكثير من الدول للانضمام إلى العقوبات، في مقدمها الأوروبية منها. يضاف إليها الهند التي لا يزال موقفها محل أخذ ورد، رغم تأكيد وزير النفط الهندي دارميندرا برادان، أمس، أن شركتين هنديتين طلبتا شراء الخام الإيراني في تشرين الثاني/ نوفمبر (كانت مصادر وكالة «رويترز» قدرت الطلب الهندي بتسعة ملايين برميل) مع إشارته إلى أن نيودلهي لا تزال تنتظر استثناء أميركياً من العقوبات. العامل الثاني، ضغط الأسواق وحاجتها إلى الطلب، إذ إن الطلب الهندي أكد تصريحات زنغنة بهذا الشأن. أما العامل الثالث، فتخوف الأميركيين من عدم القدرة على ضبط ارتفاع الأسعار عبر تعويض الإمدادات الإيرانية الذي لا يتأكد يوماً بعد يوم أنه ليس بهذه البساطة. هذه العوامل تدفع واشنطن إلى التفكير بجدية هذه المرة لإعطاء بعض الدول استثناءات من التزام العقوبات، بعد تهديدها الدول التي لا تلتزم وقف شراء النفط الإيراني بعقوبات موازية. فحاجة الأميركيين إلى التمسك ببرنامج الحظر يجبرهم كما يبدو على التنازل قليلاً، إذ نقلت «رويترز» عن مسؤول حكومي أميركي أن واشنطن «قد تدرس استثناءات للدول التي بذلت جهوداً بالفعل للحد من وارداتها من النفط الإيراني»، ما انعكس إيجاباً على الأسواق التي شهدت انخفاضاً ملموساً في الأسعار.
لكن، في المقابل، النجاح الإيراني يظل نسبياً، وإن تخطى محدد ترامب بشأن «تصفير الصادرات»، إلا أن ذلك لا يعني عدم وقوع الضرر البالغ في حجم هذه الصادرات، وهو ما ظهر في الأسبوع الأول من تشرين الأول أوكتوبر، بحسب بيانات تقريبية لـ«رفينيتيف أيكون» التي أشارت إلى تراجع الصادرات الإيرانية من الخام إلى 1.1 مليون برميل يومياً، مقارنة بنسبة 2.5 مليون برميل قبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، بغضّ النظر عن الأسعار والأرباح. هذه المخاطر تجعل من التنسيق الإيراني مع موسكو ضرورة في ظل المساعي الأميركية للتدخل في إنتاج «أوبك» والدول المنتجة من خارج المنظمة، والتناغم السعودي مع المطالب الأميركية عبر الطلب من الروس زيادة الإنتاج. وأجرى كل من وير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره الإيراني جواد ظريف، أمس، مكالمة هاتفية بحثا خلالها «التعاون في مجال الطاقة» وفق بيان مقتضب للخارجية الروسية.



معركة «العدل الدولية»
بدأت محكمة العدل الدولية، أمس، بالنظر في الشكوى الإيرانية المقدمة في حزيران/ يونيو 2016، ضد الولايات المتحدة، لتحرير الأموال الإيرانية المجمدة. وكانت المحكمة العليا الأميركية قد أقرت تجميد 1.75 مليار دولار من الأرصدة الإيرانية كتعويضات لأسر أميركية قضى ذووهم في تفجير عام 1983 لثكنة مشاة البحرية في بيروت وغيرهم ممن تعتبرهم «ضحايا الهجمات الإرهابية الإيرانية». وتأتي المواجهة الإيرانية الأميركية الثانية قضائياً بعد ما أمرت محكمة العدل الدولية الأربعاء الماضي، بوقف العقوبات الأميركية على «السلع الإنسانية». وطلبت الولايات المتحدة، أمس، من المحكمة رفض طلب إيران لاستعادة الأصول المجمدة. وقال المستشار القانوني للخارجية الأميركية، ريتشارد فيسيك، أمس، إن «الإجراءات المتعلقة بهذه القضية تتمركز حول دعم إيران للإرهاب الدولي»، مطالباً المحكمة برفض المطالب الإيرانية. وسيتواصل النظر في القضية إلى الجمعة المقبل، وسط اعتراض أميركي على اختصاص محكمة لاهاي، من دون تحديد موعد للنطق بالحكم حتى الآن.
(رويترز، أ ف ب)