في أحدث موقف روسي في ما يخصّ «قضية سكريبال»، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده حدّدت هوية الشخصين اللذين تقول لندن إنهما ضالعان في محاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج السابق، سيرغي سكريبال، وابنته، في مدينة سالزبري، في آذار/ مارس الماضي، لكن بوتين أصرّ على أن الرجلين «مدنيان»، وليسا ضابطين في الاستخبارات العسكرية، كما قالت السلطات البريطانية. وقال بوتين، أمس، خلال كلمة ألقاها على هامش منتدى اقتصادي في أقصى الشرق الروسي: «نعلم من هما ولقد عثرنا عليهما. لكننا نأمل أن يظهرا شخصياً ليؤكدا من هما»، مضيفاً أنهما «مدنيان بالتأكيد. أؤكد لكم أنه ليس هناك أي شيء إجرامي».وكانت لندن أعلنت، في الخامس من أيلول/ سبتمبر الجاري، أن محاولة الاغتيال التي تمت بواسطة غاز أعصاب نفذها «ضابطان في جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي»، وقالت إنهما «ألكسندر بتروف، ورسلان بوشيروف»، فيما تعتقد الشرطة أنهما اسمان مستعاران. وقد أصدرت بحقهما مذكّرتَي توقيف أوروبيّتَين. ومنذ البداية، تتهم بريطانيا روسيا بالوقوف وراء الهجوم الذي تسبّب بأزمة دبلوماسية خطيرة بين الكرملين والغرب، حتّى إن وزير الأمن البريطاني، بين والاس، أعلن، الأسبوع الماضي، أن بوتين يتحمّل المسؤولية «في النهاية» عن الهجوم، لكن موسكو نفت على الدوام أي ضلوع لها في هذه القضية.
دعت روسيا السلطات البريطانية إلى التخلّي عن «الخطاب العدواني»


ووفق المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، فإن الرئيس الروسي لم يتواصل مع الرجلين منذ اتهامهما في القضية. في الأثناء، بثت قناة «روسيا 24» التلفزيونية الحكومية اتصالاً بالمتهم بتروف، الذي قال إنه «لغاية الآن لا تعليق، ربما لاحقاً، في الأسبوع المقبل، أظن». وتحدثت وسائل الإعلام الروسية عن رجل يدعى ألكسندر بتروف، يعمل لدى شركة أدوية في مدينة تومسك السيبيرية، وينفي أي ضلوع له في القضية. في المقابل، اتهمت بريطانيا روسيا بالتعتيم والكذب، إذ قالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، «(إننا) طلبنا مراراً من روسيا توضيح ما حصل في سالزبري، فردّت بالتعتيم والكذب».
في غضون ذلك، انتقدت السفارة الروسية لدى المملكة المتحدة، بشدة، تصريحات مسؤولين بريطانيين عن جاهزيّتهم لـ«الدفاع عن بلادهم من خطر روسيا»، لا سيما باستخدام هجمات إلكترونية. وأشارت السفارة، في بيانٍ أصدرته أمس، إلى أنها تابعت في الأيام القليلة الماضية سلسلة تصريحات يتحدث فيها مسؤولون بريطانيون عن عزمهم على استخدام «القدرات الدفاعية الهائلة» لبلادهم رداً على «خطوات عدائية من جانب روسيا». ومن بين هؤلاء المسؤولين وزير الداخلية البريطاني، ساجد جاويد، الذي أكّد وجود وسائل، لا سيما خفية، قد تستخدمها لندن ضد موسكو، ورئيس مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية (وكالة استخبارية)، جيريمي فليمينغ، الذي كشف عن خطط لاستخدام طيف واسع من الأدوات ضد روسيا، بما في ذلك قدرات هجومية في المجال الإلكتروني.
ووصفت السفارة الروسية هذه التصريحات بأنها «متهوّرة واستفزازية وعارية تماماً من الصحة»، مُذكِّرةً بأن الحكومة الروسية سبق أن عرضت على الزملاء البريطانيين التعاون في التحقيق في قضية سكريبال، وكذلك في مجال محاربة التحدّيات الإلكترونية. وتابعت السفارة أن الجانب الروسي «لم يرَ في المقابل، من قِبَل المملكة المتحدة، سوى التصعيد في حدّة الخطاب المعادي لموسكو»، مشيرة إلى أن فكرة شنّ هجمات إلكترونية ضد روسيا بدأت تظهر في الآونة الأخيرة في تصريحات مسؤولين حكوميين. وذكرت السفارة أن الحكومة البريطانية، تحت ذريعة «الدفاع عن البلاد»، تُعدّ الرأي العام في المملكة المتحدة لـ«اتخاذ إجراءات عدائية ضد روسيا يصعب التنبّؤ بعواقبها»، داعية السلطات البريطانية إلى التخلّي عن «الخطاب العدواني»، وممارسة سياساتها على أساس القانون الدولي والمنطق السليم.