تداعى المشهد الانتخابي البرازيلي فجأةً بعد إصابة مرشح اليمين المتطرف جايير بولسنارو بطعنة سكين حولته من مرشح مثير للجدل إلى ضحية حازت تعاطفاً شعبياً غير مسبوق. بولسنارو الذي نُقل إلى المستشفى على وجه السرعة، بعدما طعنه شاب تسلل بين أنصاره في تجمّع انتخابي، اختصر عناء حملة انتخابية قاسية حيث تحول الحدث بعينه إلى «كرنفال» انتخابي حصد خلاله تأييداً قد يساعده على الوصول إلى القصر العالي في برازيليا. لم يتأخر المرشح اليميني في إعلان استمراره في السباق الرئاسي، وهو ممدَّد على السرير بعد ساعتين فقط من خضوعه لعملية مستعجلة، حسب ما أفاد الطبيب المعالج، رسالة تعمد فيها المزج بين الصوت والصورة علّه يستطيع محو الصورة السابقة وبدء مرحلة جديدة يفتتح فيها صورة المناضل المضطهد والمضحي في سبيل مواقفه السياسية وخياراته «التغييرية». الطعنة التي أصابت المرشح «العاشق لإسرائيل» كما يطلق على نفسه أصابت خصومه في الصميم وأسدت له خدمة كان في أمَسّ الحاجة إليها، وخصوصاً بعد إخفاقه في المناظرات التلفزيونية وتعرضه للانتقاد الشديد من قبل منظمات المجتمع المدني وقطاع واسع من الإعلاميين والمفكرين الذين وصفوه بالعنصري، تعليقاً على مواقفه المعادية لذوي الأصول الأفريقية والسكان الأصليين، ودعوته إلى التمييز في الرواتب بين الرجل والمرأة. لم يضيّع مستشارو بولسنارو، وعلى رأسهم ابنه إدواردو الفرصة، بل سارعوا إلى اتهام حزب العمال بالتخطيط والتنفيذ، إلا أن التحقيقات الأولية كشفت أن الفاعل، وهو أدليو دي أوليفيرا (40 عاماً) ليس له أي ارتباط سياسي، وأن اعترافاته أشارت إلى عدم اتزانه العقلي، إذ كرر أن ما فعله هو «تكليف من القديسين».
التعاطف الشعبي الذي حازه بولسنارو بعد هذا الحادث رفع نسبة تأييده إلى 22 في المئة

التعاطف الشعبي الذي حازه بولسنارو بعد هذا الحادث رفع نسبة تأييده إلى 22 في المئة، أي بزيادة نقطتين عن النسبة التي حازها قبل الحادث. وبناءً عليه، تصدّر المرشحين في استطلاعات الرأي، وخصوصاً بعد منع المحكمة العليا ترشيح الزعيم العمالي المعتقل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي كان يحتل الصدارة بنسبة وصلت إلى 40 في المئة. أوساط المرشحين لرئاسة البرازيل أجمعت على أن العملية التي استهدفت غريمهم قد ساهمت فعلاً في تبدل المشهد الانتخابي البرازيلي، وخصوصاً أن فريق المرشح بولسنارو بدأ فعلاً حملة سياسية للاستفادة من هذا الحادث، وشاركهم في هذا الأمر التيار الإنجيلي المتشدد الذي وصف «الضحية» بالمخلص المظلوم. وتخوف المراقبون من الارتداد السلبي لهذا الحادث الذي قد يؤسس لانقسام سياسي سيترجم في الشارع، وخصوصاً بعد حملات التحريض والدعوات إلى الانتقام التي دعا إليها مناصرو بولسنارو. واقع يشي بأن الأمور قد تتجه إلى الأسوأ، ما لم تتكشف الأسباب الحقيقية لعملية الطعن وجلاء الحقيقة في أسرع وقت، قبل أن تتحول البرازيل إلى مسرح يحكمه العنف والتقاتل الداخلي.