تكشّف سحب البرلمان الإيراني الثقة بوزير العمل عن هوة واسعة بين فريق الرئيس حسن روحاني، وتيارات معارضة يتقدّمها صقور المحافظين. إطاحة الوزير أتت في ظلّ انكباب الحكومة على معالجة الوضع الاقتصادي تحت وطأة العقوبات، وما رافقها من انهيارات في العملة المحلية، علماً بأنّ الوزير تعرّض للمساءلة وأعاد البرلمان تجديد الثقة به في آذار/ مارس الماضي. عدم انتظار معارضي روحاني استكمال التغييرات في فريق الرئيس الاقتصادي، التي بدأها مع استبدال محافظ البنك المركزي، أظهر حجم النقمة لدى بعض التيارات على فريق روحاني، وضغطها باتجاه إحراج الرجل أو إجباره على تعديل سياساته، وسط ترداد البعض ضرورة تنحي الرئيس، والذهاب إلى انتخابات مبكرة، وإن كان قد تراجَع الحديث عن هذا الطرح في الآونة الأخيرة.روحاني كان قد حظي بتأييد لافت من مؤسسات النظام في الأسابيع الماضية في سياسته بمواجهة الضغوط الأميركية، وأهم مظاهر هذا التأييد جاءت من قبل المرشد علي خامنئي، الذي استقبل الرئيس وفريقه الوزاري، داعياً إلى تكاتف المؤسسات وتوحّد الجميع خلف الحكومة، وكذلك من الحرس الثوري الإيراني على لسان قائده محمد جعفري، وقائد قوة القدس فيه الجنرال قاسم سليماني. إلا أن تجديد الثقة وإعادة تزكية روحاني وحكومته من قبل المرشد و«الحرس»، لم يمنعا الضغط السياسي على الرجل وحكومته، بدءاً بمشروع مساءلة الرئيس في البرلمان، حيث من المنتظر أن يَمثُل روحاني، كما وعد، أمام البرلمان للمساءلة، قبل أن يواجه أمس إطاحة وزيره للتعاون والعمل والشؤون الاجتماعية علي ربيعي بـ129 صوتاً مؤيداً، و111 صوتاً معارضاً، وثلاثة ممتنعين من مجموع 243 صوتاً، من دون انتظار الكتل المؤيدة لعزل ربيعي استكمال روحاني ما كان قد وعد به بشأن التعديل الحكومي والتغييرات في الفريق الاقتصادي. ومن الصعب اعتبار خطوة المعارضين لروحاني مقدمة لإطاحة الرجل وحكومته، فضلاً عن صعوبة ذلك إجرائياً. ما يتقاطع عليه هؤلاء إحراج الرجل لإجباره على التعديلات الوزارية، بعدما تناقلت وسائل الإعلام المحلية إشاعات حول نية روحاني التراجع عن مشروع التعديل الوزاري.
وبجميع الأحوال، يكون روحاني قد تلقّى صفعة مؤلمة، تزيد من تراجع الثقة الشعبية بالرجل وسياسات ولايته الثانية في أكثر فتراتها حرجاً، خصوصاً بعدما كان من المنتظر أن تُقدِم الحكومة على خطوات لمحاربة الفساد في الإدارات. ويعيد فرض عزل ربيعي على روحاني، النقاش حول التجاذبات السياسية إلى الواجهة، مُجدِّداً الاتهامات المتبادلة بين التيارات السياسية حول ما يراه فريق روحاني وأنصاره من تيارات الوسط والإصلاحيين إضراراً بموقف الحكومة في مرحلة حساسة، ووسط استحقاق المواجهة الداهم، ورمياً بالمسؤولية على الحكومة وحدها أمام السخط الشعبي. فيما يرى أتباع التيارات المحافظة ضرورة عملية ضغط مشروعة لمواجهة الفساد والتقاعس الإداري عن مجابهة الملفات الاقتصادية الضاغطة، التي وصل التذمر منها إلى الاحتجاج الشعبي في الشارع.
على صعيد العقوبات الأميركية، تتكثّف المتابعة للمواقف الإقليمية والدولية من تهديدات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وفيما أعلنت الأمم المتحدة النأي بنفسها عن قرار ترامب معاقبة الدول التي ستواصل التعامل التجاري مع إيران، ورفضت المنظمة التعليق على القرار، أكدت الصين رفضها للعقوبات الأحادية الجانب و«سياسة الذراع الطويلة»، مشددة على أن روابطها التجارية مع إيران «شفافة ومشروعة». من جهته، أكد وزير الطاقة التركي، فاتح دونماز، استمرار العمل بالاتفاقيات المبرمة مع إيران بشأن استيراد الغاز الطبيعي والمستمرة حتى عام 2026. ووضعت الحكومة الألمانية، أمس، العقوبات على إيران في إطار انتهاك القانون الدولي، داعية واشنطن إلى أن تراعي «المصالح الأوروبية».
وفي العراق، حيث الجار الغربي لإيران وإحدى بواباتها الاقتصادية، تفاعل إعلان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أول من أمس، أن حكومته لن تتفاعل مع العقوبات الأميركية ضد طهران، لكنها ستلتزمها لـ«عدم إلحاق الضرر بشعبنا وحمايته»، حيث أثار الإعلان ردود فعل رافضة من قبل شخصيات وتيارات سياسية في البلاد ندّدت بالعقوبات الأميركية، ودعت إلى عدم التزامها.