دخل قائد «قوة القدس» في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، على خط الحرب الكلامية بين طهران وواشنطن. رسائل مباشرة، وتهديد أكثر من صريح تضمنه خطاب سليماني، أمس، شكل ذروة الردود الإيرانية على تهديدات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. رجل إيران خارج الحدود بدا وكأنه يقول للأميركيين إنه تسلّم ملف الرد وإدارة المواجهة مع البرنامج الأميركي المتجدد ضد الجمهورية الإسلامية. بما لديه من أوراق، يترجم سليماني معادلة رئيس أركان القوات الإيرانية، اللواء محمد حسين باقري، الذي رد على ترامب قبل أيام محذراً إياه من «غضب أنصار الثورة». من البحر الأحمر إلى أفغانستان مروراً بالعراق، يُذكّر من يرصد القوات الأميركية على مدى عقدين أن تجارب التدخل العسكري الأميركي مُنيت بخسائر فادحة، يجب أن تتعظ بها الإدارة الحالية في البيت الأبيض، وتراجع مذكرات الجنرالات العسكريين السابقين الذين خَبِروا المنطقة.ومن همدان (غرب إيران)، توجّه سليماني، في كلمة ألقاها أمام حفل للحرس الثوري، إلى الرئيس الأميركي بالقول: «أنت تعلم أن هذه الحرب ستدمر كل ما تمتلكه، أنتم ستبدأون هذه الحرب لكن نهايتها نحن من سيفرضها، لذلك عليك الانتباه من إهانة الشعب الإيراني ورئيس جمهوريتنا، عليك أن تفهم ما تقول، وتسأل من سبقوك واستفد من تجاربهم». سليماني الذي اعتبر تصريحات ترامب ملأى بأدبيات شبيهة بأدبيات مقامر في ملاه ليلية، رأى أنه ليس من اللائق أن يرد الرئيس الإيراني على تغريدة ترامب، وقال تعليقاً على تهديد الرئيس الأميركي بأنه سيقوم بعمل ضد إيران «لم يختبره سوى قلة عبر التاريخ»: «إنك (ترامب) ليس لك أي ماض وبما أن فكرك منشغل بقضايا أخرى لم يخطر على بالك حتى أن تسأل آخرين». وأضاف: «على الأقل اسأل أجهزة الأمن والاستخبارات... اسأل أولاً كي لا تتحدث بكلام لا تعرف كنهه، فأي شيء كنتم قادرين عليه ولم تفعلوه خلال الأعوام العشرين الماضية؟».
ووصف الجنرال الإيراني دعم واشنطن لبعض التنظيمات الإيرانية المعارضة بـ«الخطأ الجسيم»، قائلاً: «أنتم اليوم تحتضنون وتجمعون النفايات التي ألقيت من داخل إيران كزمرة المنافقين (حركة «مجاهدي خلق») وتربطون آمالكم بهم». وعرّج سليماني على تجارب حروب واشنطن وحلفائها في المنطقة، كاشفاً عن تلقيه رسالة من قائد القوات الأميركية إبان الاحتلال الأميركي للعراق، تطلب من سليماني استخدام نفوذه هناك مع المقاومة العراقية لإفساح المجال أمام انسحاب أميركي آمن من الأراضي العراقية. وسأل سليماني: «ماذا حققتم في البلد الفقير أفغانستان كي تتوعدونا اليوم؟». وذكّر بالحروب الإسرائيلية على لبنان وغزة، وفشل واشنطن وحلفائها في اليمن «على رغم إنفاقهم 2 تریلیون دولار لغاية الآن، وانتصار القوات اليمنية وحركة أنصار الله أمام هذه الآلة الحربية المتطورة»، متسائلاً: «ماذا حققتم خلال هذه الأعوام الأربعة؟ البحر الأحمر الذي كان آمناً جعلتموه غير آمن؟ الرياض والسعودية التي لم تشهد إطلاق قذيفة هاون واحدة منذ مائة عام جعلتموها اليوم تحت النيران. فهل تتوعدوننا اليوم؟». وختم سليماني بالقول: «لا ضرورة لأن تدخل القوات المسلحة الإيرانية الساحة، فأنا وقوات فيلق القدس نتصدى لكم، واعلموا بأننا لا ننام ليلة لا نفكر فيها بالقضاء عليكم. واعلموا بأننا متواجدون بالقرب منكم وفي المكان الذي لا تتوقعونه».
بموازاة لغة سليماني المتحدّية، ردت إيران أمس «ديبلوماسياً» على خطاب وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الأخير، أمام معارضين إيرانيين في الولايات المتحدة. وأشارت وزارة الخارجية الإيرانية إلى أنها رفعت مذكرة احتجاج إلى السفارة السويسرية في طهران، تتهم فيها بومبيو بسوق المزاعم ضد إيران والتدخل في شؤونها الداخلية بما ينتهك ميثاق الأمم المتحدة. وعلى صعيد المفاوضات مع الأوروبيين في شأن ضمانات الإبقاء على الاتفاق النووي، رأى رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، أن حزمة المقترحات الأوروبية في ما يخص بيع النفط وتنظيم العلاقات المصرفية «منطقية بالشكل العام». وأضاف لاريجاني، أمس، أن «المفاوضات مع الأوروبيين مستمرة عن طريق وزارة الخارجية»، مشدداً على ضرورة أن «تتحول (المقترحات) إلى تعليمات تنفيذية»، وأضاف أنه «سيتم قريباً تحديد مدى تبديل التعليمات إلى تفاصيل لتبدأ من ثم مرحلة اتخاذ القرار حولها».