خيّمت أجواء الحرب التجارية أثناء اجتماع وزراء مالية مجموعة الدول العشرين، الذي أُقيم في العاصمة الأرجنتنية بوينوس إيرس. كرر صندوق النقد الدولي أن هذه الحرب تُضعف النمو العالمي، فيما وجهت فرنسا دعوة إلى الولايات المتحدة إلى التراجع، إلا أنّ الأخيرة متصلبة في موقفها. وقال الوزراء إن تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية يمثل خطراً متزايداً على النمو العالمي، ودعوا إلى إجراء حوار أوسع، وفقاً لمسودة البيان الختامي للاجتماع الذي استمرّ يومين.وأشارت المسودة التي لا تزال عرضة للتعديل، إلى أن «اقتصادات الأسواق الناشئة في وضع أفضل للتكيف مع الصدمات الخارجية، لكنها ما زالت تواجه تحديات بسبب تقلبات السوق ونزوح رؤوس الأموال»، مشددة على الحاجة إلى «إصلاحات هيكلية لتعزيز النمو المحتمل للاقتصادات». وأكدت المسودة أيضاً تعهدات وزراء مالية المجموعة في اجتماعهم السابق في آذار الماضي بتجنب خفوضات تنافسية في قيمة العملات قد تؤدي إلى آثار معاكسة للاستقرار المالي العالمي. كذلك شدد الوزراء على نتائج أحدث اجتماع لقادة مجموعة العشرين في هامبورغ في تموز الماضي، حين شددوا على أن التجارة هي محرك النمو العالمي، وأيضاً على أهمية الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف.
يُذكر أنه بعدما فرضت واشنطن الرسوم الجمركية على الصلب والألومينيوم، مستهدفة بذلك الصين بشكل رئيسي، تهدد الأولى اليوم بفرض رسوم على وارداتها من السيارات الأوروبية وعقوبات على الدول التي تقيم تجارة مع إيران ووعدت بخفض كبير لمشترياتها من المنتجات الصينية. وقد صدّق وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين، في أولى أيام الاجتماع على هذه السياسة المثيرة للجدل التي تتعرض لانتقادات من سائر الدول، بما فيها حلفاء الولايات المتحدة، رغم أن منوتشين جدد اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأن يُسقط حلفاء «مجموعة السبع» الحواجز التجارية بينهم. وقال إنه «إذا كانت أوروبا تؤمن بالتجارة الحرة، فنحن مستعدون لتوقيع اتفاقية تجارة حرة»، مضيفاً أن مثل هذه الاتفاقية تتطلب إلغاء التعريفات الجمركية، والحواجز غير الجمركية، والإعانات.
عرض منوتشين قابله ردّ سريع من وزير المالية الفرنسي برونو لومير، الذي قال إن «الاتحاد الأوروبي لن يفكر في إطلاق محادثات تجارية مع الولايات المتحدة ما لم يقم الرئيس ترامب أولاً بسحب تعريفة الصلب والألومينيوم ويتوقف عن تهديد تعريفة السيارة». وأضاف الوزير الفرنسي في حديث للصحافيين، على هامش الاجتماع: «نحن نرفض التفاوض مع السلاح على رؤوسنا».
دعا موتشين إلى تقديم تنازلات للتوصل إلى علاقة أكثر توازناً


من جانبه، حذر صندوق النقد الدولي من أن الموجة الأخيرة من التعريفات التجارية ستضر بشكل كبير بالنمو العالمي. وقدمت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، لوزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظي البنوك المركزية الذين اجتمعوا، تقريراً يحذر من أن القيود التجارية القائمة ستخفض الناتج العالمي بنسبة 0.5 في المئة. وفي مذكرة الإحاطة التي أُعدَّت لوزراء مجموعة العشرين، قال صندوق النقد الدولي إن النمو الاقتصادي العالمي قد يبلغ ذروته عند 3.9 في المئة عام 2018 و2019، في حين أن مخاطر الهبوط قد ازدادت بسبب الصراع التجاري المتنامي. كلام لاغارد جاء بعد فترة وجيزة من تصريح منوتشين بأنه لا يوجد تأثير «كلي» بعد على اقتصاد بلاده، مستدركاً بأنه «على الرغم من وجود بعض التأثيرات الدقيقة مثل الانتقام من فول الصويا المنتج في الولايات المتحدة، وجراد البحر وبوربون»، فإنه لا يعتقد أن التعريفات الجمركية ستحرم الولايات المتحدة تحقيق نمو مستدام بنسبة 3 في المئة هذا العام. وتركز كل الاهتمام على منوتشين الذي يمثل القوة الاقتصادية الأولى في العالم، والذي دعا الصين والاتحاد الأوروبي إلى تقديم تنازلات للتوصل إلى علاقة تجارية أكثر توازناً، وذلك بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي نعت بكين وبروكسل وموسكو بـ«الخصوم» التجاريين.