في سياق مساعي طهران لتفعيل سياسة المواجهة المضادة للهجمة الأميركية المتجددة على الجمهورية الإسلامية، دبلوماسياً واقتصادياً، برز أمس خبر زيارة حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، في وقت يحتاج فيه أركان النظام الإيراني ومؤسساته إلى توحيد الجهود وتفعيل التعاون ونوع من توزيع الأدوار والمهام أمام موجة الضغوط الأميركية المتصاعدة من جهة، ومن جهة أخرى بلورة استراتيجية مقابِلة تراعي متطلبات مرحلة دخول العقوبات حيز التنفيذ. الأمر الآخر الذي يُنظر إليه بأهمية في إيران، هو وحدة وانسجام التيارات السياسية ومؤسسات النظام وأقطابه، وهو ما تجلى أمس، بعد رسالة الجنرال في الحرس الثوري قاسم سليماني إلى الرئيس روحاني، في دعم من المرشد لحكومة الرئيس وتحركاته في هذه الظروف، إثر موجة انتقادات تلقتها حكومة روحاني داخلياً في الأسابيع الماضية.وفي اللقاء، شدد خامنئي أمام روحاني ووزراء حكومته على «ضرورة وضع خارطة طریق اقتصادیة ثابتة فی البلاد، لیشعر الشعب بالهدوء والاستقرار»، داعياً جميع المؤسسات إلى التنسيق مع الفريق الاقتصادي في الحكومة، والذي وصف دوره بـ«المحوري والمصيري». وأشاد خامنئي بمواقف روحاني في جولته الأوروبية، معتبراً أنها «كانت قوية». وتحدث أمام أعضاء الحكومة عن ضرورة معالجة الوضع المالي و«تفعیل سلطة الحكومة ورصدها للمبادلات المالیة لمنع العملیات المخربة كالتهریب وغسل الأموال»، مشجعاً إياهم على «دعم القطاع الخاص فی البلاد، والأخذ بعین الاعتبار سیاسات الاقتصاد المقاوم واتخاذ الإجراءات في التوقیت المناسب ومعالجة الحدث قبل وقوعه»، ومشدداً على ضرورة وجود «مكافحة حقیقية للفساد».
أكد روحاني التزام حكومته بـ«أوامر» المرشد خامنئي


وعلّق المرشد الإيراني على التفاوض مع الأوروبيين على تقديم ضمانات لصيانة الاتفاق النووي، بالقول إن «الأطراف الأوروبیة مطالَبة بتقدیم الضمانات اللازمة حول الاتفاق النووي»، داعياً في الوقت نفسه إلى عدم ربط اقتصاد البلاد بالضمانات الأوروبية. وهو موقف ينسجم مع جولة مبعوث المرشد إلى روسيا، علي أكبر ولايتي، والاتفاقيات التي جرى التشاور بشأنها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإشارة ولايتي بعد اللقاء إلى إمكانية استثمار موسكو بما يقدر بنحو 50 مليار دولار، في قطاعَي النفط والغاز الإيرانيين. على أن خامنئي أكد ضرورة تعزیز الدبلوماسیة والعلاقات الخارجیة والانفتاح على جميع الدول في الشرق والغرب، «باستثناء حالات معدودة مثل أميركا»، حاثاً الحكومة على ترسيخ مزيد من العلاقات «والنهوض بمستوى التحرك الدبلوماسي العملاني». وأبدى الزعيم الإيراني تفاؤله بأن «الحكومة ستتمكن من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة من التغلب على المشاكل وإفشال المؤامرات الأميركیة».
من جهته، أكد روحاني، أثناء اللقاء، التزام حكومته بـ«أوامر» المرشد خامنئي، مشدداً على أهمية التنسيق بين السلطات الإيرانية «لإفشال المؤامرات الأميركية»، ومحذراً من «محاولات الأعداء الرامية إلى بثّ القلق تجاه المستقبل بين الشعب». وطمأن روحاني إلى أنه «وعلى رغم جميع هذه المحاولات الاقتصادية والنفسية من جانب الأعداء» فإن منسوب عائدات العملة الصعبة والوطنية «سجل زيادة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام (الإيراني) الجاري، مقارنة بالفترة عينها العام الماضي». وأشار الرئيس الإيراني إلى أن «قيمة الاعتمادات المخصصة لمجالات الإعمار والبناء خلال العام الحالي ازدادت بنسبة 22 في المئة مقارنة بالعام الماضي».