وجّه زكزاكي انتقادات شديدة للحكومة بسبب علاقاتها مع إسرائيل
وفي شهر كانون الأول/ ديسمبر 2016، أصدرت المحكمة العليا في العاصمة أبوجا حكماً بالإفراج الفوري عن زكزاكي، وتغريم الأجهزة الأمنية 150 ألف دولار تعويضاً لأسرته، بعدما تقدم الأخير بشكوى إلى المحكمة لاعتقاله من دون إبلاغه تهمته. لم تستجب السلطات النيجيرية لحكم القضاء بإطلاق سراح الشيخ، وواصلت اعتقاله إلى جانب العديد من ناشطي «الحركة الإسلامية»، بعد رفض الجيش النيجيري والحكومة المركزية القرار، الذي تم تعطيله عبر اتفاقية بين النائب العام وسلطات ولاية كادونا، التي حظرت بدورها في عام 2016 الانتماء إلى «الحركة الإسلامية» تحت طائلة السجن لمدة 7 سنوات ودفع غرامات مالية.
تفاصيل المجازر التي ارتكبتها السلطات النيجيرية بحق زكزاكي وأنصاره في يوم القدس، وما تبعها وما سبقها، تكشّفت تباعاً. ففي نيسان/ أبريل الماضي، اتهم زكزاكي، في اتصال هاتفي مع نجله، السعودية بأنها هي التي موّلت تنفيذ الجيش النيجيري مجزرة زاريا، وأنها «مأمورة في ذلك من الولايات المتحدة وبريطانيا». بدورها، أكدت مصادر مطلعة على تفاصيل القضية، لـ«الأخبار»، أن زكزاكي كان مرصوداً ومتابَعاً وملاحَقاً في تحركاته ومواقفه من قبل المخابرات السعودية، قبل واقعتَي يوم القدس والسبت الأسود بسنوات. وكشفت المصادر أيضاً أن «الحركة الإسلامية» تمتلك دلائل «تثبت تورط السعودية في المجازر التي حصلت»، وأنها «ستظهرها في الوقت المناسب».
يرفض زكزاكي شروط الحكومة لإطلاق سراحه، وأسلوب المفاوضات معه، مُلمِّحاً إلى تعرضه لضغوطات من قبل السلطات النيجيرية للتراجع عن مواقفه، ولا سيما أنه كان قد وجه انتقادات شديدة للحكومة النيجيرية بسبب علاقاتها مع إسرائيل، وتبادلها المعلومات مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. كما انتقد زكزاكي مراراً الفساد المستشري في بلد يُعتبر من الأغنى نفطياً في العالم، بالإضافة إلى تنديده المتكرر بعلاقات جماعة «بوكو حرام» الإرهابية مع بعض قيادات الجيش النيجيري. والجدير ذكره، في هذا السياق، أن «بوكو حرام» شنّت العديد من الهجمات المسلحة على أنصار الحركة العزّل وعلى منزل زكزاكي، من بينها هجوم على موكب تابع للحركة في ولاية كانو في كانون الأول/ ديسمبر 2015 أدى إلى مقتل 22 شخصاً، وذلك قبل أيام من حادثة زاريا، بالإضافة إلى تبنّي «بوكو حرام» تفجيراً سنة 2014 قُتل فيه 32 من أنصار الحركة.
لم تمتلك الحكومة النيجيرية حتى اللحظة أي دليل تقدمه لإدانة زكزاكي، باستثناء اتهامات بأن «المتظاهرين تجمهروا حول موكب رئيس الأركان خلال مروره وقاموا بإطلاق النار». اتهامات لا يقيم لها أتباع الرجل وزناً، لافتقارها إلى أي مسوّغ قانوني يثبت تورطه وأنصاره في محاولة الاغتيال، وهو ما دعمه قرار المحكمة العليا سابقاً بإطلاق سراحه. وقد نفى زكزاكي بنفسه الاتهامات المُوجَّهة إليه، مؤكداً أنه تعرض لهجوم مفاجئ من القوات النيجيرية، في الوقت الذي تشدد فيه الحركة دائماً على عدم امتلاكها السلاح، وأنها غير عسكرية.
تعرَّض زكزاكي لمحاولات اغتيال عديدة، منها في أعوام 1999 و2007 و2015. فقَد إحدى عينيه، وأصيبت زوجته بجروح بالغة، وقُتل ستة من أبنائه خلال السنوات السابقة. كما قُتلت أخته وابن أخيه، وجُرفت أضرحة والدته وأولاده، وسُوّي منزله بالأرض. مسيرة يختصرها مقرّبون من الرجل بقولهم إنها «تضحيات يقدمها الشيخ النيجيري على طريق القدس».