أدى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم، اليمين الدستورية لولاية رئاسية جديدة من خمس سنوات تستند إلى نظام رئاسي جديد واسع الصلاحيات، وذلك بعد عامين على محاولة انقلاب هزت حكمه.كان أردوغان قد حقق انتصاراً مريحاً في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية بنسبة 52.6 في المئة من الأصوات، هو الذي يحكم البلاد منذ عام 2003 كرئيس للوزراء ولاحقاً كرئيس للجمهورية.
في خطاب أدائه اليمين الدستورية، تعهد الرئيس التركي بالحفاظ على المبادئ العلمانية لتركيا الحديثة التي أرساها مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك. لاحقاً، وعد أردوغان بـ «إعلاء شأن الجمهورية التركية في المرحلة المقبلة استناداً إلى مفهوم إدارة جديد». كذلك، شدّد على أن تركيا ستتقدم في «المرحلة الجديدة المقبلة في كافة المجالات، لا سيما الديموقراطية والحريات والاقتصاد والاستثمارات»، إضافة إلى «الصناعات الدفاعية وأمن الحدود».
واعتبر أردوغان أن «التجارب التي مرت بها تركيا خلال الأعوام الـ16 الأخيرة، أظهرت أن الانتقال إلى النظام الرئاسي أمر لا مفر منه».
حضر حفل التنصيب الذي كرّس رسمياً الانتقال إلى النظام الرئاسي في ضوء تعديل دستوري تم تبنيه إثر استفتاء في نيسان/ أبريل 2017، عشرات القادة من حول العالم. من بين الحضور، رئيس الوزراء الروسي، دميتري ميدفيديف، والرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، إضافة إلى الرئيس البلغاري رومين راديف، ورئيس وزراء المجر القوي، فيكتور أوربان، الوحيدين من قادة الاتحاد الأوروبي الذين يحضرون القمة.
في مقطع فيديو نشره على «تويتر» يظهره وهو يقود سيارته إلى المطار، أشاد مادورو بأردوغان «صديق فنزويلا وقائد العالم الجديد متعدد الأقطاب».
بعد أدائه القسم، ينتقل أردوغان على الفور إلى ميدان السياسة الخارجية حيث سيزور شمال قبرص وأذربيجان، قبل أن يتوجه لحضور قمة لقادة «حلف شمال الأطلسي» في بروكسيل يلتقي خلالها نظيره الأميركي دونالد ترامب وعدداً آخر من قادة الحلف.

«يوم تاريخي»
تبدأ هذه الولاية الرئاسية الواسعة الصلاحيات بعد نحو عامين على محاولة انقلاب عسكري في 15 تموز/ يوليو 2016، تلتها حملات تطهير واسعة، لا سيما في صفوف القوّات المسلحة والشرطة والإدارات الرسمية أدت إلى توقيف وإقالة عشرات آلاف الأشخاص. آخر تلك الحملات جرت أمس، إذ أقيل أكثر من 18 ألف شخص معظمهم من الجنود والشرطيين بموجب مرسوم دستوري قدم على أنه الأخير في ظل حال الطوارئ التي أعلنت غداة محاولة الانقلاب.
النظام الجديد الذي دخلت إليه تركيا اليوم يلغي منصب رئيس الوزراء، ويتيح للرئيس الإمساك بكامل مقاليد السلطة التنفيذية، وإصدار قرارات بمراسيم رئاسية. يعين كذلك ستة من الأعضاء الـ13 في مجلس القضاة والمدعين المكلف تعيين أفراد النظام القضائي وإقالتهم.
يبقى الرئيس أيضاً على رأس حزبه السياسي، أي «يسيطر نواب حزبه ما يعني أنه سيسيطر على كل الفروع التنفيذية والقضائية والتشريعية في البلاد»، وفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيلغي في إسطنبول، إمري أردوغان.
بالنسبة لصحيفة «جمهورييت» المعارضة، فإن «نظاماً حزبياً برجل واحد يبدأ رسمياً اليوم». رأت المعلقة السياسية في الصحيفة، أصلي آيدنطاشباش، أنه لا مبالغة بالقول إن تركيا دخلت عهد «الجمهورية الثانية»، بعد الجمهورية التي أسسها أتاتورك.
(أ ف ب )

في وقتٍ لاحق، من المقرر أن يعرض أردوغان حكومته الجديدة التي يتوقع أن تضم 16 وزيراً مقابل 26 في الحكومة الحالية من دون احتساب رئيس الوزراء. هذا يعني دمج وزارات عدة مثل وزارة الشؤون الأوروبية التي ستصبح جزءاً من وزارة الخارجية.
وفق الكاتب الصحافي عبد القادر سلوي في عمود في صحيفة «حرييت»، فإن التشكيل الحكومي سيحمل «مفاجأة» بوجود شخصيات من خارج «حزب العدالة والتنمية». ستستعين الرئاسة أيضاً بلجان ومكاتب مخصصة لمختلف القطاعات، لكن تفاصيل صلاحياتها ليست معروفة بعد.

تعيين محافظ المصرف المركزي
في ردّه على انتقادات المعارضة لصلاحياته الرئاسية الموسعة، يردّد أردوغان أن هذا النظام يوفر الفاعلية المطلوبة لخوض التحديات التي تواجه تركيا. التحدي الأكبر هو الأزمة الاقتصادية مع ارتفاع نسبة التضخم وتدهور قيمة العملة وعجز كبير في الحسابات العامة على رغم نمو متين.
هذا الوضع يعود جزئياً إلى عدم ثقة الأسواق بالاستراتيجية الاقتصادية للرئيس التركي الذي يدعو باستمرار إلى خفض نسبة الفوائد لمكافحة التضخم، في حين يوصي معظم الخبراء الاقتصاديين بالعكس.
يبدو أن دور الرئيس التركي في المجال المالي سيكون أكبر، مع إعلان مستشار للرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم أن الرئيس سيعين محافظاً للبنك المركزي مباشرة لمدّة خمس سنوات بعد صدور مرسوم بدا أنه أحدث ضبابية في شأن تغيير المحافظ.
في وقت سابق، اليوم، ألغت تركيا بموجب مرسوم عاجل بنداً قانونياً كان ينص على أن تكون ولاية محافظ البنك المركزي خمس سنوات. نُشر المرسوم قبل وقت قليل من أداء الرئيس اليمين لفترة جديدة في منصبه.