في قصة تشبه الأفلام، يحاول فريق إنقاذ من محترفين دوليين، إنقاذ 12 طفلاً، بالإضافة الى مدرّبهم، كانوا قد حوصِروا في كهف من شبكة كهوف تام لوانغ في إقليم شيانغ راي في شمال تايلاند، منذ أكثر من أسبوعين. القصة بدأت عندما توجّه المدرّب مع لاعبي فريقه الأطفال إلى الكهف، في مغامرة استكشافية ترفيهية. وبعدما دخلت المجموعة إلى الكهف، هطلت الأمطار بغزارة، وتجمّعت داخل الكهف وسدّت طريق الخروج منه، وفرضت حصاراً على الفتية ومدرّبهم، في نقطة تبعد حوالى 5 كيلومترات عن مدخل الكهف، بعمق 800 إلى 1000 متر تحت سطح الجبل.الاثنين الماضي، أعلنت السلطات التايلاندية العثور على الأطفال ومدربهم أحياء، بعدما حاصرتهم المياه لمدة 9 أيام داخل كهف في مدينة شيانغ راي، شمال البلد الآسيوي. وعَثر عليهم غواصان بريطانيان، بعد رحلة بحث مكثّفة. وظهر الأطفال ومدربهم في مقطع مصوّر من داخل الكهف المظلم، وبدت عليهم علامات الشحوب ونقص التغذية. وأعلنت القوات التايلاندية، أن إخراج الأطفال من الكهف يستلزم تعلّمهم السباحة، أو الانتظار لأشهر عديدة (نحو 4 أشهر)، ريثما تنحسر المياه من الكهف، لأن موسم الأمطار في تايلاند يستمر عادة حتى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر. قائد بعثة إنقاذ الفتية المحاصرين داخل الكهف قال يوم العثور على الأطفال ومدربهم، إن «المنقذين في صراع مع المياه والزمن، لكنهم يترقبون الفرصة المثلى لإخراج المجموعة المحاصرة، قبل أن تنهمر أمطار غزيرة متوقعة». على الفور، بدأ فريق يضم وحدة القوات الخاصة في البحرية التايلاندية والشرطة، ومتطوعون آخرون، العمل دون هوادة لتجفيف الكهف من مياه الأمطار، منذ تحديد مكان المجموعة يوم الاثنين.

وقال إيفان كاتاديتش، وهو مدرب دنماركي للغوص ينقل أسطوانات أوكسيجين إلى داخل الكهف، يوم الجمعة الفائت، وبعد إحدى مرات الغوص، إنه «متفائل بشدة بشأن المهمة لأن منسوب المياه انحسر بدرجة كبيرة». ولم يقطع كاتاديتش الكيلومتر الأخير الفاصل عن المكان الذي حوصر فيه الفتية على ضفّة موحلة، وهي أخطر مرحلة في الغوص، لأن رجال الإنقاذ يتعيّن عليهم حمل خزّانات الأوكسيجين أمامهم للمرور عبر الثقوب الغارقة الضيقة. وضمن الخيارات الأخرى للإنقاذ، تمت دراسة خيارات كتزويد الكهف بإمدادات وخط أسطوانات أوكسيجين لإبقاء الفتية على قيد الحياة لأشهر حتى ينقضي موسم الأمطار الموسمية في تايلاند، أو حفر مخرج رأسي من الغابة أعلى الكهف، وهما خياران صعبان جداً، وقد لا ينفعان. وتنامى الاهتمام الدولي بعملية الإنقاذ، وقدمت دول مثل أوستراليا وبريطانيا والصين واليابان والولايات المتحدة يد العون. يوم أمس، أكّدت السلطات أن الفتية، وهم لاعبون ناشئون لكرة القدم، تواصلوا عن طريق الخطابات مع أقاربهم الذين خيّم الكثير منهم أمام مدخل الكهف، وذلك للمرة الأولى منذ العثور عليهم. وكانت قد فشلت الأسبوع الماضي محاولة لتوصيل هاتف إلى الفتية المحاصرين مع مدربهم. وفي أحد الخطابات، عدّد الفتية الأطعمة التي يريدون تناولها بعد عودتهم إلى منازلهم سالمين مثل الدجاج المقلي، كما ناشدوا معلّميهم عدم تكليفهم بالكثير من الواجبات المنزلية. وكتب مدرب الفريق إيكابول تشانتاوونغ في خطاب لأولياء الأمور أنه «سيولي الفتية الرعاية القصوى»، كما اعتذر عن جعلهم يمرون بهذه المحنة. في أثناء خروج الغواصين الذين كانوا يوصلون الأغذية اللازمة للمجموعة المحاصرة، قرر جندي بحرية تايلاندي (samman kunan) كان ضمن الفرق العاملة هناك، أن ينشر أسطوانات أوكسيجين على طول الطريق المتوقع لخروج الفتية، لكنه توفي فوراً بسبب نقص الأوكسيجين، بعدما تخلّى عن أسطوانته الخاصة قبل أن يخرج بقليل، ونعته السلطات التايلاندية كأحد الأبطال القوميين.

اليوم، أعلنت السلطات التايلاندية، بدء عملية إنقاذ الأطفال العالقين ومدربهم، وقال نارونجساك نارونغساك نارونغساك أوسوتاناكورن، القائم بأعمال حاكم إقليم شيانغ راي، إنّ 13 أجنبياً و5 غوّاصين تايلانديين سيشاركون في عملية الإنقاذ، فيما سيرافق كل طفل محاصر غواصان اثنان أثناء عملية إخراجهم بشكل تدريجي. ورجّح المسؤول أن تستغرق عملية إنقاذ أول شخص عالق في الكهف 11 ساعة على الأقل. بدوره، قال اللواء في الجيش التايلاندي، تشالونغتشاي تشاياكام، إن «العملية الكلية لإخراج جميع العالقين قد تستغرق من يومين إلى أربعة أيام»، مضيفاً أن «ذلك يتوقف على حالة المياه التي تغمر الكهف». بعد جهود حثيثة، ومحاولات عديدة قامت بها فرق الإنقاذ اليوم، قال عضو كبير في الفريق الطبي المصاحب لعملية إنقاذ الفتية من الكهف، إن «أربعة منهم خرجوا من الكهف المغمور بالمياه». بعد ذلك، أعلنت السلطات تعليق عملية إنقاذ «أطفال الكهف» لفترة تتراوح بين 10 و20 ساعة. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي، عقده أوساتاناكورن. وقال: «سيتم استئناف عملية الإنقاذ خلال 10 أو 20 ساعة، وتم إخراج أولئك الذين يتمتعون بحالة صحية أفضل من أقرانهم». وأرجع حاكم المقاطعة تعليق العملية إلى «احتياج رجال الإنقاذ إلى تغيير صهاريج الأوكسيجين».

الحادثة استدعت اهتماماً دولياً رسمياً وشعبياً واسعاً، وقد أرسلت عدة دول فرق إنقاذ تابعة لها للمشاركة في عملية إنقاذ الأطفال. من كل أنحاء العالم، هبّ متطوعون كُثر، غواصون محترفون، ومتسلّقو جبال ذوو خبرة، وضباط مهمات إنقاذ، ورجال أعمال، وأفضل مهندسي البناء تحت الأرض، الى جانب عدد كبير من الأشخاص لتقديم المساعدة. رئيس الفيفا مثلاً، حاول رفع معنويات الفتية وتشجيعهم على الصمود والبقاء، فأرسل دعوة رسمية لهم، في حال إخراجهم من الكهف، ليحضروا المباراة النهائية لكأس العالم في 15 من الشهر الجاري. للرئيس الأميركي دونالد ترامب حصة أيضاً، فقد كتب في تغريدة عبر «تويتر» أن «الولايات المتحدة تعمل عن كثب مع السلطات التايلاندية للمساهمة في إنقاذ الأطفال من الكهف...».