أعلن وزير الداخلية الألماني، هورست سيهوفر، أنه يعتزم الاستقالة من منصبه ومن رئاسة حزب «الاتحاد الاجتماعي المسيحي»، بسبب خلافه مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على ملف الهجرة. قرار سيهوفر يهدد مستقبل الائتلاف الحكومي، وينذر بأزمة سياسية كبرى في البلاد، قد تعزّز من فرص اليمين المتطرف في الوصول إلى البرلمان قريباً. وفي محاولة أخيرة لتسوية هذا النزاع، تعقد ميركل والجناح اليميني في تحالفها الحكومي اجتماعاً، اليوم، سيتمحور حول سياسة ميركل حيال طالبي اللجوء التي يريد حزب «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» تشديدها بأي ثمن.وليل أمس، أكد سيهوفر (68 عاماً) أنه سيستقيل من المنصبين على أن ينفذ هذا القرار في الأيام الثلاثة المقبلة. وقد أبدى ذلك في اجتماع مغلق لحزبه في ميونخ، «لأنه يعتبر أنه لا يحظى بالدعم اللازم». في هذا الوقت، حاول مقرّبون من سيهوفر داخل الحزب إقناعه بالعودة عن قرار الاستقالة.

انتخابات مبكرة؟
في حال حصول استقالة سيهوفر فعلاً، من المتوقع أن يتعرض مستقبل الحكومة الألمانية للخطر. والسؤال المطروح حالياً، هو ما إذا كان الحزب «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» ينوي البقاء ضمن الائتلاف الحاكم بعد استقالته أو الخروج منه، ما من شأنه حرمان المستشارة من الغالبية في مجلس النواب، وإغراق البلاد في أزمة سياسية كبرى. قد يقود هذا الاحتمال إلى انتخابات مبكرة، مع العلم أن «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» يستعد لانتخابات محلية في بافاريا، يخشى أن تتجه أصوات كثيرة من قاعدته الناخبة إلى اليمين المتطرف المعادي للهجرة. وكان حزب «البديل من أجل ألمانيا» المعادي للإسلام واللاجئين، قد وصل إلى البرلمان الفيدرالي لأول مرة في تاريخه العام الماضي وسط مشاعر مناهضة للهجرة، ما أدى بالنهاية إلى عرقلة تشكيل الحكومة لنحو ستة أشهر. كذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى أن «البديل من أجل المانيا» قد يدخل أيضاً البرلمان البافاري في انتخابات الخريف المقبل. أما السيناريو الثاني المطروح، فهو أن يلجأ الحزب البافاري إلى استبدال سيهوفر الذي تدهورت علاقاته بالمستشارة، بشخصية قادرة على التفاوض معها من أجل التوصل إلى تسوية في ملف الهجرة.

الخلاف بشأن أزمة الهجرة
يتعلق الخلاف بين الطرفين بمعاملة المهاجرين الذين يصلون إلى ألمانيا، لكنهم مسجلون في الأصل في دول أخرى في الاتحاد الأوروبي. وفيما لا تزال ميركل متمسكة بموقفها، حصلت مساء أمس، في برلين على دعم الهيئات القيادية في حزبها بشبه إجماع لرفض أي قرار أحادي وطني حول المهاجرين. هذا الخلاف داخل معسكر المحافظين الألمان بدأ في منتصف حزيران/يونيو الماضي، عندما رفضت ميركل مشروع سيهوفر الذي يقضي بإبعاد المهاجرين المسجلين في دول أخرى.
إلا أن هذا الخلاف في الواقع قائم منذ فترة طويلة، خصوصاً بعد قرار ميركل عام 2015 فتح حدود بلدها لمئات الآلاف من المهاجرين. مع العلم أن ميركل أكدت أن حكومتها «تريد الاستمرار في الحد من عدد المهاجرين الوافدين إلى ألمانيا» الذين تراجع عددهم بنسبة 20% عن عام 2017.