تتفاعل ردود الفعل على قرار الولايات المتحدة الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، في خطوةٍ حظيت بترحيبٍ إسرائيلي، بينما دانتها روسيا. يوم أمس، أعلنت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، انسحاب بلادها من مجلس حقوق الإنسان، وذلك لأن «التزامنا لا يسمح لنا بأن نظل أعضاء في منظمة منافقة وتخدم مصالحها الخاصة وتحوّل حقوق الإنسان إلى مادة للسخرية»، علماً أن واشنطن تتّهم المنظمة بـ«الانحياز ضد إسرائيل».
ليست المرة الأولى..
سارع الأمين العام للأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى إبداء أسفه للقرار الأميركي، معتبراً أنه كان «من الأفضل بكثير» لو بقيت واشنطن عضواً في هذه الهيئة الأممية التي تتخذ من جنيف مقراً لها. كذلك، انتقدت جماعات حقوقية القرار، واصفةً إيّاه بأنه يبعث برسالة مفادها بأن الولايات المتحدة تغضّ الطرف عن الانتهاكات في أنحاء العالم.
من جهتها، أعلنت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، في بيان، أنها لم تُفاجأ بهذا القرار الذي اتخذته دولة «شريكة لإسرائيل التي تحتجز أمّة بكاملها رهينة عبر احتلال عسكري شرس». وأضافت أن «الدعم الأعمى الذي تقدّمه الإدارة الأميركية لإسرائيل التي ارتكبت خروقات فاضحة لحقوق الإنسان، لن يساهم سوى بعزلها على الساحة الدولية».
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة رفضت الانضمام إلى المجلس لدى إنشائه عام 2006 في عهد الرئيس الأسبق، جورج بوش الابن، الذي كان جون بولتون مندوبه إلى الأمم المتحدة، قبل أن يقرر الديموقراطي باراك أوباما انضمام بلاده إليه مجدداً. حالياً، يشغل بولتون ــ المشكك في جدوى الأمم المتحدة ــ منصب مستشار ترامب للأمن القومي.
كذلك، لطالما انتقدت الولايات المتحدة المجلس على إدراجه ممارسات إسرائيل بحقّ الفلسطينيين على جدول أعمال جميع جلساته السنوية الثلاث. إضافة إلى ذلك، ومنذ وصول الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع 2017، انسحبت واشنطن من اليونسكو وقطعت التمويل عن هيئات أممية عدّة (خصوصاً الأونروا) وأعلنت انسحابها من اتفاق باريس حول المناخ والاتفاق النووي مع إيران الذي أيّدته الأمم المتحدة.

موسكو تدين «وقاحة» أميركا
دانت موسكو، اليوم، «وقاحة» واشنطن و«استهتارها» بالأمم المتحدة بعد انسحابها من مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية، واصفةً القرار بأنه «خاطئ».
وفق الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في مؤتمر صحافي، فإن «الولايات المتحدة نسفت مجدداً سمعتها في الدفاع عن حقوق الإنسان... لقد أظهرت استهتارها بالأمم المتحدة ومؤسساتها». ودانت زاخاروفا أيضاً «وقاحة» زملائها الأميركيين «الذين يرفضون بقوة الاعتراف بوجود مشاكل خطيرة تتعلق بحقوق الإنسان في بلدهم»، واتهمتهم بأنهم حاولوا «تغيير بنية مجلس حقوق الإنسان لخدمة مصالحهم».
وتابعت زاخاروفا أن مجلس حقوق الإنسان يجب أن يكون «في خدمة كافة الدول الأعضاء لا بلد واحد»، مؤكّدةً أن الانسحاب الأميركي «لم يشكّل مفاجأة» لروسيا. كذلك اتهمت الولايات المتحدة بـ«محاولة فرض نسخة خاصة بالأميركيين لحقوق الإنسان على الدول الأخرى في العالم».

إسرائيل ترحّب وتشكر ترامب...
سارعت إسرائيل إلى الترحيب بقرار الولايات المتحدة الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، وذلك على خلفية اتهامه بالانحياز ضد إسرائيل، مكرّرة أنه «جهة منحازة ومعادية». وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن «قرار الولايات المتحدة الانسحاب من هذه المنظمة المنحازة، يشكّل تصريحاً لا لبس فيه بأنه قد طفح الكيل».
كما شكر نتنياهو الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ووزير الخارجية، مايك بومبيو، ومندوبة واشنطن في الأمم المتحدة نيكي هايلي، على «قرارهم الذي يرفض نفاق مجلس حقوق الإنسان الأممي وأكاذيبه»، معتبراً أنه «على مدار سنوات طويلة أثبت المجلس أنه جهة منحازة وعدائية ومعادية لإسرائيل تخون مهمّتها وهي الدفاع عن حقوق الإنسان».
وأضاف نتنياهو أنه «بدلاً من التركيز على أنظمة تنتهك حقوق الإنسان في شكل ممنهج، يركّز المجلس في شكل مهووس على إسرائيل وهي الدولة الديموقراطية الحقيقية الوحيدة في الشرق الأوسط».

الصين تأسف
أبدت الصين أسفها اليوم لقرار واشنطن الانسحاب من المجلس، وهي خطوة تقول وسائل الإعلام الرسمية إنها تجعل صورة واشنطن كمدافع عن الحقوق «على شفا الانهيار».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، كنغ شوانغ، في إفادة دورية للصحافيين إن الصين تعبّر «عن أسفها لقرار الولايات المتحدة بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان»، مضيفاً أن بلاده «ستستمر، بالعمل مع جميع الأطراف، في تقديم إسهاماتها في التطور الصحي لحقوق الإنسان في أنحاء العالم من خلال التعاون والحوار البنّاء». وفي رد على سؤال في شأن الانتقاد الأميركي لسجل الحقوق الصيني، قال المتحدث إن الولايات المتحدة تتجاهل الحقائق وإن كل محايد يستطيع رؤية التقدم الهائل الذي حققته الصين في مجال الحقوق.