يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى استغلال الظروف الأمنية التي تحيط بتركيا، بهدف زيادة المزيد من الإنجازات إلى سجلّه الذي يستعرضه أمام المواطنين الأتراك بشكل شبه يومي، في إطار الحملة الانتخابية. اليوم، يشنّ الجيش التركي، بتوجيهات من الرئيس أردوغان، هجوماً تدريجياً على معاقل «حزب العمال الكردستاني»، الذي تصنفه الدولة التركية بالـ«إرهابي»، في جبال قنديل شمالي العراق. إلا أن هذه الحملة العسكرية لا تبدو منفصلة عن الحملة الانتخابية.
اليوم، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن عملية عسكرية تركية تجري، حالياً، ضد قواعد المسلّحين الأكراد في شمالي العراق تتضمّن غارات جوية مكثفة ستستمر لفترة طويلة، وذلك في تصريح أمام تجمّع انتخابي، قبل أقل من أسبوعين على موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي ستجري في 24 حزيران/يونيو. كذلك، أكّد أن بلاده «أطلقت عملياتها ضد الإرهابيين في جبال قنديل ومنطقة سنجار شمالي العراق»، وقال: «سنجفّف مستنقع الإرهاب في جبال قنديل من قطعان القتلة، كما طهّرنا عفرين وجرابلس والباب وأعزاز (السورية)».
من جهته، أشار رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إلى أن الحكومة التركية «حيّدت الإرهاب داخل البلاد، والآن تلاحقه، وتتقدم نحو جبال قنديل». جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام حشد جماهيري في ولاية أوشاق، غربي البلاد. وأضاف: «أينما يذهب الإرهابيون، فإن أبطال قواتنا المسلّحة يسطّرون ملاحم عظيمة خارج الحدود، وسندمّر أوكار الإرهابيين». اللافت أن الكلام عن الحملة العسكرية على عناصر «حزب العمال الكردستاني» دائماً ما يأتي في إطار استعراض إنجازات فترة حكم حزب «العدالة والتنمية».
وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أنه «حان دور جبل قنديل، كي تدخل القوات التركية جحور الإرهابيين فيه». وفي كلمة ألقاها في مسقط رأسه بولاية أنطاليا، جنوبي تركيا، شدّد جاويش أوغلو على أن «قوات بلاده ستسوّي جبل قنديل بالأرض، فوق رؤوس الإرهابيين». وأضاف: «شاهدتم كيف دخلنا جحورهم في عفرين وجرابلس والباب، والآن حان دور قنديل». كذلك، أكّد تصميم بلاده على القضاء على أي تهديد يوجّه لتركيا أينما كان.
خريطة نشرتها وكالة «الأناضول» التركية، قبل أيام، توضح نقاط تمركز عناصر حزب العمال الكردستاني شمالي العراق، بالإضافة الى أرقام ومعلومات حول العملية

ويقول مراقبون، إن شنّ عملية كبيرة ضد «حزب العمال الكردستاني» في شمالي العراق، سيمنح أردوغان دفعاً في الانتخابات التي يُتوقّع أن تكون أكثر تنافسية ممّا كان متوقّعاً حتى الآن. إلا أن شنّ عملية برية واسعة لا يخلو من المخاطر، نظراً إلى وعورة منطقة قنديل ومعرفة «حزب العمال الكردستاني» بها على عكس الجيش التركي. لذا، المتوقّع الآن، أن تستمر العملية العسكرية التركية، ولكن من دون توغّل برّي واسع، وأن يكتفي الجيش التركي بالقصف العنيف والاستهدافات الدقيقة عبر الطائرات، لمسلّحي «العمال الكردستاني».