قدمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس، ردها على أفكار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن «إصلاح» أوروبا، ساعيةً لتجنب خلاف مع باريس يراه البعض مدمراً، وذلك في وقت يتزايد القلق في شأن إيطاليا وتتصاعد التوترات عبر ضفتي الأطلسي.ومع اقتراب موعد قمة الاتحاد الأوروبي هذا الشهر التي وعدت ميركل وماكرون بتقديم خطة مشتركة خلالها لـ«إصلاح» أوروبا، أجرت المستشارة الألمانية حديثاً صحافياً أمس، تناول «إصلاح منطقة اليورو» فضلاً عن «السياسات الدفاعية». ويأتي حديث ميركل في وقت تتزايد الضغوط على الاتحاد الأوروبي لإظهار موقف موحد بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وفرض تعريفات على صادرات الصلب والألمنيوم الأوروبية، علماً أنّ ألمانيا، وهي أكبر مصدر، أكثر عرضة لصراع تجاري مع الولايات المتحدة وقد قال العديد من المحللين إن تهديدات واشنطن أعطت ميركل، الحذرة بطبعها، دافعاً أكبر للتواصل مع ماكرون.
وفي حديثها إلى صحيفة «فرانكفورتر»، عرضت بوضوح مواقف بلادها إزاء القضايا المطروحة، معلنة بدايةً تأييدها فكرة تحويل «آلية الإنقاذ الأوروبية» إلى صندوق نقد أوروبي يقدم قروضاً قصيرة الأمد للدول التي تعاني من ضغوط اقتصادية. وقالت إن صندوق النقد الأوروبي يجب أن يكون قادراً على تقييم مدى استطاعة الدول الأعضاء الوفاء بديونها و«الأدوات المطلوبة للحفاظ على ذلك إذا تطلب الأمر»، في إشارة إلى إعادة هيكلة الديون، علماً أنّ فرنسا كانت ترفض طرح كهذا.
وبينما أعلنت المستشارة الألمانية رغبتها في «القليل من الاستقلالية عن صندوق النقد الدولي»، فإنّها شددت على أنّه سوف يتعين على البلدان المعنية الموافقة، كما مع صندوق النقد الدولي حالياً، على أن يتمتع صندوق النقد الأوروبي بحق الرقابة والتدخل في سياساتها الوطنية.
وفي سياق حديثها، قالت ميركل: «إننا نحتاج إلى مزيد من التقارب الاقتصادي بين دول منطقة اليورو»، مشيرة الى أنّها «تؤيد موازنة استثمار» لمنطقة اليورو، سواء كانت محددة النطاق أو مدرجة في الموازنة الأوسع للاتحاد الأوروبي. لكن يبدو أنّ هذا الطرح سوف يبقى نقطة لن تكف عن إثارة الجدال بين باريس وبرلين، إذ إنّ ميركل حددت إطاراً صارماً لهذه الموازنة وذكرت مبلغاً «يقتصر على رقمين بمليارات اليورو»، وهذا بعيد جداً عما كان يأمل فيه الرئيس الفرنسي الذي يقف وراء اقتراح موازنة منطقة اليورو. وحذّرت بأنّ «التضامن بين الشركاء في منطقة اليورو يجب ألا يؤدي أبداً الى وحدة في المديونية» تحتم التشارك في الديون.
على رغم هذه المواقف التي لا تؤشر إلى توافق تام على خط برلين ــ باريس الأوروبي، فقد نقلت وكالة «رويترز» عن المستشار السابق لماكرون فيليب مارتن، أنّ «الأمر الجيد هو أن ميركل قالت للمرة الأولى شيئاً محدداً عما يدور في ذهنها». جدير بالذكر أيضاً أنّ ميركل أبدت «تأييدها» في حديثها الصحافي المطوّل، لاقتراح ماكرون بتشكيل قوة تدخل أوروبية ذات «ثقافة عسكرية إستراتيجية مشتركة»، فيما دعت إلى وضع معايير مشتركة للجوء، وقوة شرطة حدودية أوروبية ووكالة هجرة أوروبية يمكنها تقييم طلبات اللجوء. وأيدت «نظاماً مرناً» يمكن من خلاله أن تقدم الدول التي ترفض استقبال لاجئين إسهامات في مجالات أخرى عوضاً عن ذلك.
(أ ف ب، رويترز)