لا يزال أمام طهران أسابيع لاختبار مصير الاتفاق النووي وإعلان موقف مغاير منه. موقف سيكون رهن اجتماعات يعقدها خبراء قريباً وتتسم بطابع تقني، يتحدد على ضوئها بقاء الإيرانيين في الاتفاق من عدمه. حتى ذلك الحين، ومع ما تفرضه العقوبات الأميركية من مخاطر، يحافظ الطرف الأوروبي على تمسكه بالاتفاق ومصالحه مع إيران بعيداً من «إدارة السياسة العالمية بالشكل الذي تدير فيه شركتك»، بحسب ما خاطبت به وزيرة خارجية النمسا، كارين كنايسل، أمس، الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في معرض تعليقها على انسحاب الأخير من الاتفاق.وتتعزز المؤشرات على التقاء طهران مع دول الاتحاد الأوروبي عند البقاء في الاتفاق النووي، وتثبيت إجراءات حمايته أمام العقوبات الأميركية. وسادت اجتماع اللجنة المشتركة للدول الموقعة على الاتفاق في فيينا، الجمعة، أجواءٌ إيجابية، وفق ما أكد الوفد الإيراني. ومن المتوقع أن تترجم هذه الأجواء اليوم في اجتماع بروكسل على مستوى وزراء الخارجية في دول الاتحاد الأوروبي، والذي سيناقش فيه المجتمعون السياسة التي سيعتمدها الاتحاد حيال طهران والاتفاق النووي. وفي إشارة إلى مناخ اجتماع اليوم، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، أن «الاتحاد الأوروبي عازم على حفظ مصالح الشركات والمستثمرين الذين ستطالهم إجراءات الحظر الأميركية العابرة للحدود».
وربط مساعد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قرار طهران بالبقاء في الاتفاق أو الانسحاب «بالفاوضات الجارية مع أطراف الاتفاق خلال الأسابيع القليلة المقبلة». وأشار رئيس المفاوضين الإيرانيين، أمس، إلى أن وفد بلاده طلب في اجتماع فيينا أن «تُلبّى مطالب إيران في الاتفاق النووي بعيداً من الولايات المتحدة، وأن تقدم الضمانات الكافية والحلول العملية لكي نتمكن من اتخاذ القرار المناسب». ولفت عراقجي، في الوقت نفسه، إلى أن المباحثات مع الأوروبيين تسير في الطريق الصحيح «وهم يراعون الفترة الزمنية التي عينتها إيران».
فرنسا: عازمون على حفظ مصالح الشركات والمستثمرين


وأكد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أمس، أن الأوروبيين أعلنوا التزامهم ودعمهم للاتفاق على رغم الضغوط الأميركية، وقال: «الأميركيون يمارسون الضغوط على الأوروبيين؛ إما أن يختاروا أميركا أو إيران، لكن الأوروبيين أعلنوا أنهم يختارون الاتفاق النووي». وأضاف روحاني: «لا أريد القول إن جميع القضايا تمت تسويتها، لكن معظم الدول تعتقد بأن طريق إيران كان صائباً، وأن أميركا أخطأت، وهذا يُعدّ نجاحاً كبيراً»، مؤكداً أن بلاده «تسعى جاهدة للبقاء في الاتفاق النووي إن تمكنت من استيفاء حقوقها». وتطرق الرئيس الإيراني إلى المفاوضات مع الأوروبيين عقب الانسحاب من الاتفاق، ولفت إلى أن «المدة التي انقضت من المهلة المحددة تشجعنا على تحقيق أهدافنا»، مشيراً إلى أنه «إذا ما حدثت مشكلة سنتجاوزها من خلال تواجد الشعب ودعمه». وفي خطاب آخر له، ولدى استقباله مجموعة من الاقتصاديين الإيرانيين، رأى روحاني أن القطاع الخاص في إيران قادر على إفشال العقوبات الأميركية، متهماً واشنطن باستهداف الشعب الإيراني عبر هذه العقوبات. وكشف عن وجود خطط حكومية لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري مع باقي الدول، خصوصاً دول الجوار، مؤكداً أن «العقود التي أبرمت مع الاتحادات الإقليمية، والتعاون التجاري مع الدول المختلفة بالعملة الوطنية، قد يسهل الكثير من القضايا». وبشأن أثر العقوبات الأميركية على إيران، طمأن مساعد وزير النفط الإيراني، حميد رضا عراقي، إلى أن صادرات الغاز لم تنخفض بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي، «بل من المقرر أن ترتفع قريباً بالتزامن مع البدء بتصدير الغاز إلى البصرة العراقية».
من جهته، أشار وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، في اجتماع مع لجنة برلمانية، إلى أنه «وعلى رغم انسحاب أميركا (من الاتفاق النووي) هناك فقط ثلاثة بلدان عربية في منطقة الخليج الفارسي والكيان الصهيوني عارضت الاتفاق»، مؤكداً أنه لا يزال هناك «إجماع دولي يدعم الاتفاق دون أن ينجح ترامب في تغيير هذه الظروف». واعتبر ظريف أن بقاء أوروبا في الاتفاق النووي ودعمها الاتفاق عائد إلى مصالح دول الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أن «إيران أيضاً إذا ما حصلت على مصالحها وتلقت الضمانات الوافية ستبقى في الاتفاق أيضاً». ورد ظريف على إعلان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، استراتيجية جديدة ضد إيران، واصفاً الشروط التي ذكرها بومبيو بأنها «لا تتسم بالحكمة... وستزيد من عزلة أميركا».