أصدرت محكمة سيلفيري في إسطنبول، أمس، أحكاماً بالسجن بحق 13 صحافياً من صحيفة «جمهورييت» التركية، بعد إدانتهم بمساعدة منظمات «إرهابية» في ختام «محاكمة سياسية» عكست تدهور حرية الصحافة في تركيا، فيما بُرِّئ ثلاثة صحافيين.وفق المحامي أوزدين أوزديمير، في تصريح لوكالة «رويترز»، أصدرت المحكمة أحكاماً تراوح بين عامين ونصف عام، وسبعة أعوام ونصف عام، بحقّ العاملين في الصحيفة، مضيفاً أن متهماً آخر في القضية، ليس موظفاً في الصحيفة، وجهت إليه اتهامات بشأن أنشطته على «تويتر» وصدر بحقه عقوبة قاسية، هي السجن عشرة أعوام.
كذلك، حكم على مدير الصحيفة، أكين أتالاي، الذي كان لا يزال موقوفاً احتياطياً، بالسجن سبعة أعوام ونصف عام، لكن أُفرِج عنه إفراجاً غير مشروط في انتظار ما سيؤول إليه الاستئناف. كذلك، لن يُسجَن الصحافيون المحكومون في انتظار الاستئناف، بعد مطالبتهم خلال المحاكمة بالحصول على إفراج مشروط على غرار الذي منح لأتالاي.
بين هؤلاء رئيس تحرير «جمهورييت»، مراد صابونجو، الذي حكم عليه بالسجن سبعة أعوام ونصف عام، والصحافي الاستقصائي، أحمد شيك، الذي حكم بالعقوبة نفسها. أعلن صابونجو قبيل محاكمته أن «لا حكمَ سيمنعنا من تأدية مهماتنا الصحافية. ولو احتاج الأمر، سنذهب إلى السجن مرّةً أخرى، لكن سنستمرّ بالقيام بعملنا الصحافي»، فيما عنونت «جمهورييت» على موقعها مساء أمس، بعيد إصدار الحكم: «ستشعرون بالعار أمام التاريخ».
بدوره، قال كاتب الافتتاحيات، قدري غورسيل: «سنخرج من هنا مرفوعي الرأس، وسنواصل ممارسة مهنة الصحافة مهما كانت المصاعب في بيئة تفتقر إلى القوانين والديموقراطية». أضاف الصحافي الذي أفرج عنه بشروط العام الماضي بعدما أمضى 11 شهراً في الحجز الوقائي: «أطلب التبرئة لي ولزملائي».
في الوقت نفسه، قضت المحكمة باستمرار القضية ضد جان دوندار الذي شغل في السابق منصب رئيس تحرير صحيفة «جمهورييت»، الذي أثار غضب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بعدما نشر عام 2015 تحقيقاً مرفقاً بشريط فيديو يؤكّد أن أنقرة تمدّ إسلاميين في سوريا بأسلحة، وهو يقيم راهناً في ألمانيا ويحاكم غيابياً.

«أجواء مروّعة»
يأتي ذلك فيما اتهمت «منظمة العفو الدولية» السلطات التركية في تقرير نُشر اليوم، بإرساء «أجواء خوف مروّعة» بعد الانقلاب الفاشل عام 2016، عبر استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان بشكل خاص.
أكد التقرير أن «أجواء خوف مروّعة تنتشر في المجتمع التركي، فيما تستمر الحكومة في فرض حالة الطوارئ لتقليص المساحة المخصصة للآراء المعارضة والبديلة».
أشارت مديرة برنامج أوروبا في المنظمة، غوري فان غوليك، في بيان، إلى أن «السلطات التركية قامت عمداً ومنهجياً بتفكيك المجتمع المدني، وسجن المدافعين عن حقوق الإنسان، وإغلاق المنظمات وخلق أجواء خوف خانقة».
وفق المنظمة، أُغلِق أكثر من 1300 مؤسسة و180 وسيلة إعلامية، وأكدت في بيانها أن «القمع المستمر والمتزايد يعوق عمل المدافعين عن حقوق الإنسان الضروري في تركيا، ويُغرق قسماً كبيراً من المجتمع في حالة خوف مستمرة».
يقدّم التقرير العديد من حالات القمع وانتهاك حقوق الإنسان، بينها حالة رئيس منظمة العفو في تركيا، تانر كيليتش، الموقوف منذ حزيران/ يونيو2017 ورجل الأعمال الناشط في المجال الإنساني، عثمان كفالا، المعتقل منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهما متهمان بالضلوع في الانقلاب الفاشل، الأمر الذي ينفيانه. ترى المنظمة أيضاً أن عمل المدافعين عن حقوق الإنسان «تمّ القضاء عليه» بسبب التدابير المتّخذة إثر حالة الطوارئ.
أُعلِنت حالة الطوارئ في تموز 2016، بعد أيام من محاولة الانقلاب التي قام بها عسكريون معارضون وجُددت باستمرار منذ ذلك الحين. في هذا الاطار، أجرت أنقرة عملية تطهير غير مسبوقة، أدت إلى توقيف أكثر من 50 ألف شخص وإقالة أكثر من 140 ألفاً آخرين أو تعليق مهماتهم.
توسعت عمليات التطهير لتشمل الأوساط المؤيدة للأكراد والمعارضة، مستهدفة قضاة وأساتذة وصحافيين. وتنسب أنقرة محاولة الانقلاب إلى الداعية فتح الله غولن الموجود في الولايات المتحدة والذي ينفي أي علاقة له بالأمر.