نفى رئيس مجلس إدارة صحيفة «جمهورييت» التركية المعارضة، أكين أتالاي، التهم الموجهة لموظفي الصحيفة بأنهم قدّموا المساعدة لمنظمة إرهابية، وذلك قبل أيّام من صدور الحكم النهائي بحقّهم في محاكمة تشكّل اعتداءً على حرية الصحافة. أتالاي نفى التهم في المحكمة في سيليفري على مشارف اسطنبول، واتهم ممثلي النيابة بـ«سرقة حياة الناس»، وفق التغطية الحيّة على موقع صحيفة «جمهورييت». أضاف: «أنا أقرأ لائحة الاتهام ضدنا مرات ومرات، لكنني لا أفهمها»، متابعاً أنّ «الهدف واضح: السيطرة على جمهورييت وتسليمها إلى أشخاص يسهل انقيادهم، ما يشكّل تحذيراً للصحف الأخرى والصحافيين الآخرين».
أكين أتالاي، الذي يقبع في السجن منذ أكثر من 500 يوم، هو المشتبه فيه الوحيد في القضية والذي لا يزال موقوفاً، بينما تم الإفراج تدريجياً عن 16 موظفاً آخرين معظمهم من الصحافيين، رغم أنهم سيحاكمون. وقال آتالاي في المحاكمة: «الصحافة تعتبر جريمة... هل تدركون الخطر؟ صحيفة جمهورييت اليومية ليس لديها نشاط آخر غير الصحافة والنشر».

«دعم منظمات إرهابية»
توجه للصحافيين جميعاً تهمة دعم ثلاث منظمات تعتبرها تركيا إرهابية، من خلال تغطية أخبارها. تلك المنظمات هي «حزب العمّال الكردستاني» و«جبهة حزب تحرير الشعب الثورية اليسارية» وجماعة الداعية فتح الله غولن المتهمة بتدبير المحاولة الانقلابية الفاشلة في تمّوز 2016. ويواجه هؤلاء، في حال إدانتهم، أحكاماً بالسجن تصل إلى 43 عاماً.
كذلك، تعتبر المحاكمة ضدّ صحافيي «جمهورييت» سياسية وتشوبها تناقضات، فالجماعات المحظورة الواردة في لائحة الاتهام ليست متحالفة، بل إنّها على خلاف مع بعضها البعض.
ومن المتوقع أن تتواصل جلسات الاستماع حتى يوم الجمعة المقبل، قبل إعلان الحكم، مع العلم بأنه أفرج عن رئيس تحرير الصحيفة مراد صابونجو، والصحافي الاستقصائي أحمد شيك، أحد أشهر صحافيي التحقيقات في البلاد، في آذار، بانتظار انتهاء محاكمتهما.
من المتهمين أيضاً، رئيس التحرير السابق لـ«جمهورييت» جان دوندار، الذي أثار غضب أردوغان بعدما نشر عام 2015 تحقيقاً مرفقاً بشريط فيديو يؤكّد أن أنقرة تمدّ إسلاميين في سوريا بأسلحة، وهو يقيم راهناً في ألمانيا ويحاكم غيابياً.
ينظر إلى هذه المحاكمة على أنها اختبار لحرية الصحافة في تركيا التي حلّت في المرتبة الـ 155 في آخر مؤشر لمنظمة «مراسلون بلا حدود» المتعلق بحرية الصحافة في عام 2017. ووفق لائحة لـ«مركز استوكهولم للحرية»، فإنّ 200 صحافي تركي هم حالياً معتقلون، و50 تمّت محاكمتهم، فيما يوجد 141 صحافياً مطلوبون للمحاكمة.
الصيف الماضي، أفادت مجموعة العمل حول الاعتقال التعسفي التابعة للأمم المتحدة، بأن اعتقال موظفي الصحيفة كان تعسفياً، داعية إلى الإفراج الفوري عنهم ومنحهم حق الحصول على تعويض. المجموعة الأممية رأت كذلك أنّ سجنهم «ناتج من ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم»، معربة عن قلقها بشأن «ضبابية» الاتهامات الموجهة إليهم المتعلقة بدعم مجموعات إرهابية.