2.5 مليار دولار هي قيمة صفقة تسلّح جديدة بين قطر والولايات المتحدة، أُبرمت أمس في مقرّ الملحقية العسكرية القطرية بالعاصمة الأميركية واشنطن. صفقة ستفيء عائداتها إلى شركة «رايثيون» التي يُفترض أن تبيع القوات المسلّحة القطرية منظومة دفاع جوي، بموجب الاتفاقية التي أُبرمت أثناء زيارة لوزير دفاع قطر، خالد العطية، إلى أميركا. يأتي هذا بعد أيام فقط على إعلان وزارة الدفاع الأميركية، خلال زيارة أمير قطر، تميم بن حمد، إلى واشنطن، موافقتها على بيع الدوحة صواريخ موجّهة بقيمة 300 مليون دولار. يُضاف إليها خطاب نوايا وقّعته قطر، إبان الزيارة نفسها، لشراء خمس طائرات شحن من شركة «بوينغ» الأميركية بقيمة 1.7 مليار دولار.هذه الأخيرة يبدو أنها، شأنها شأن ما رافقها وسبقها ولحقها (وقعت قطر في حزيران/ يونيو الماضي اتفاقية لشراء مقاتلات أميركية من طراز «أف 15» بقيمة 12 مليار دولار)، أثلجت صدر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي يبدي حرصاً خاصاً على مصالح «بوينغ»، ثانية أكبر شركات العتاد الدفاعي في الولايات المتحدة، وعلى صناعة السلاح الأميركية عموماً. من هنا، كان إلحاح ترامب، خلال محادثات هاتفية بينه وبين أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح في كانون الثاني/ يناير الفائت، على ضرورة إتمام صفقة تعطّلت لأكثر من عام، تشتري بموجبها الكويت مقاتلات أميركية بقيمة 10 مليارات دولار، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين مطلعين على مسار الصفقة. ولم يخطئ حدس ترامب بالفعل؛ إذ إن ضغوطه على الصباح أثمرت بعد أيام فقط عن إعلان كويتي رسمي عن إبرام الاتفاق.
هذا الاندفاع «الترامبي» نحو التصرف كـ«مندوب مبيعات» بصفاقة ودونما أدنى حرج، تجلّى بأوضح صوره خلال زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة في آذار/ مارس الماضي، حيث أجلس سيد البيت الأبيض الأمير الشاب إلى جانبه، عارِضاً عليه بضاعته، وطالِباً منه بصراحة المزيد من «الفستق». طلب لم يتأخر ابن سلمان في تلبيته، ليتخلّل زيارته التي امتدت على قرابة 3 أسابيع توقيع اتفاقيات ضخمة، بعدما كان شهد شهر أيار/ مايو الماضي، أثناء زيارة ترامب الشهيرة إلى السعودية، الإعلان عن صفقات عسكرية بين الجانبين بقيمة 110 مليارات دولار.
اليوم، يذهب الرئيس الأميركي إلى أبعد مما بلغته «وقاحته» طيلة الأشهر الماضية من ولايته الأولى. مبادرة باسم «اشتر الأميركي» تطرحها إدارة ترامب لتخفيف الإجراءات البيروقراطية المتصلة ببيع الأسلحة، وتشجيع حلفاء الولايات المتحدة على مزيد من الصفقات. تستهدف المبادرة، بحسب ما نقلت «رويترز» عن مسؤولين أميركيين، منح زبائن السلاح موافقات أسرع على مطالبهم، واستكمال الصفقات معهم في غضون شهور بدلاً من سنوات. كذلك، تقتضي الاستراتيجية الجديدة منح دور أكبر لأعضاء الإدارة (من رئيس ووزراء وملحقين عسكريين وديبلوماسيين) في القيام بمهمة سماسرة أسلحة ووسطاء صفقات دفاعية في الخارج، فضلاً عن تقليص القيود المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي أدت سابقاً إلى عرقلة صفقات، من مثل بيع السعودية ذخائر موجهة بقيمة 7 مليارات دولار.
أما راهناً، فإن ترامب يمضي في تسويق أسلحة بلاده بـ«صخب سافر»، على حد تعبير مدير مشروع السلاح والأمن في «مركز السياسة الدولية»، وليام هارتونج، غير مكترث لأي اعتبار سوى ما يمكن أن تدرّه الصفقات الجديدة على خزنته. استراتيجية يظهر أن دول الخليج ستكون في صدارة صفوف «زبائنها» والمندفعين لخدمتها. يوم أمس، دشّنت قطر «فروض الخدمة» تلك بتوقيعها اتفاقية دفاعية جديدة في إطار ما سمّاه الملحق العسكري القطري في واشنطن، يوسف الكواري، «تعزيز التعاون العسكري بين البلدين». وهو «تعاونٌ» يتوقع أن يبلغ مستوى أعلى من «الازدهار» وفق ما أوحت به زيارة خالد العطية، الخميس، إلى القاعدة البحرية الأميركية في سان دييغو، حيث استعرض «أوجه التعاون بين الولايات المتحدة وقطر».
بدورها، تستعدّ السعودية، التي سلّفت ترامب منذ أيام ولايته الأولى تعهّداً بصفقات بقيمة 400 مليار دولار، لتجاوز الممالك والإمارات كافة في مستوى الانقياد لـ«الدلّال» الأميركي، عبر إبدائها استعدادها لإرسال قوات إلى سوريا لتحلّ محلّ القوات الأميركية، متجاوِزة بعرض «الارتزاق» هذا ما كان سيد البيت الأبيض نفسه اشترطه عليها من أنه «إذا كنتم تريدوننا أن نبقى فربما يتعيّن عليكم أن تدفعوا».