حذّر جيش العدو الإسرائيلي، اليوم، إيران من القيام بما سمّاه «عملية انتقامية» رداً على قصفه لمطار «تي فور» العسكري في ريف حمص، والذي أدى إلى استشهاد سبعة إيرانيين من «الحرس الثوري»، بينهم العميد مهدي دهقان. وبحسب المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، فإنّ «قائد قوة القدس، اللواء قاسم سليماني، هو الذي سيقود العملية الانتقامية المتوقّعة ضدّ تل أبيب».المحلّل الإسرائيلي رجّح أنّ «الردّ الإيراني قد يحدث في الوقت القريب، ويمكن أن تُستخدم في خلاله طائرات استطلاع مسيّرة وهجومية، وكذلك صواريخ قد تصل إلى عمق إسرائيل». وضمن الإطار، نشرت الصحيفة صوراً التقطتها الأقمار الاصطناعية، قالت إنها «قواعد الحرس الثوري في سوريا»، ونقلت عن مسؤولين في الجيش قولهم إن «إسرائيل ستردّ بقوة على كل عملية (انتقامية) قد تنفّذها إيران ضدها من قلب سوريا، لا سيما بعد الإعلان الصريح على ألسنة القادة الإيرانيين أنهم في صدد الرد على ضربة مطار تي فور».
وفي السياق، رجّحت مصادر إسرائيلية، للصحيفة، أنّ سليماني «يخطّط لعمليّة انتقامية ستنفّذ من قلب إحدى القواعد الإيرانية في سوريا ضد إسرائيل، ويبدو أنها ستكون في وقت قريب»، حيث يقدّر الجيش الإسرائيلي أنه في خلال الرّد الإيراني، قد يطلق «الحرس» صواريخ دقيقة إلى قلب إسرائيل، أو يرسل طائرات مسيّرة محمّلة بمواد متفجرة.

عميدور: لا مناص من الحرب!

تعليقاً على الكشف عن القواعد الإيرانية الجويّة في سوريا، قال جنرال الاحتياط، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، يعكوف عميدور، إن «المواجهة بين طهران وتل أبيب باتت حتمية ولا مناص منها، في حال واصل الإيرانيون تأسيس نسخة مطابقة عن حزب الله في سوريا». أقوال عميدور وردت اليوم في مقابلة له مع صحيفة «يدعوت أحرونوت»، رأى فيها أن «إسرائيل لن تسمح لإيران بإنشاء نسخة عن حزب الله ــ وربما أقوى ــ في سوريا، وفي حال أصرّت طهران على ذلك فإنه لا مفر من الحرب». جنرال الاحتياط، والذي يعمل حالياً باحثاً في معهد «القدس للدراسات الاستراتيجية» الإسرائيلي، لا يستبعد دخول إسرائيل في مواجهة عسكرية، معتبراً أن «الإمكانية لأن تضطر إسرائيل للدخول في مواجهة مكلفة جداً، وفيها خسائر للطرفين، هي بهدف منع طهران من بناء قوة عسكرية مماثلة لتلك التي بنتها في لبنان». ونوّه إلى أن «حزب الله هو اليد الطولى لإيران، ونحن (سمحنا) ببنائه... اليوم بحوزته أكثر من 120 ألف صاروخ، ولهذا يتوجب العمل ضد استنساخه في سوريا».

أمّا بالنسبة إلى السيناريو المحتمل، فقد قالت مصادر أمنية إسرائيلية إنّ «الجيش سيردّ بكل قوة وسيعمل أقصى جهده كي يمر (عيد الاستقلال) بهدوء، من أجل أن يستمتع مواطنو إسرائيل بالعيد الـ70 لقيام الدولة». ونقلت الصحيفة عن مصادر في الجيش قولها إن «كافة المؤشرات تدلّ على أن الردّ على الضربة الانتقامية الإيرانية المتوقعة من شأنه إلحاق الضرر بالسيطرة الهشّة التي حقّقتها الدولة السورية على أكثر من 70 في المئة من أراضيها بمساعدة روسيا».
التأهّب والاستعداد في إسرائيل للردّ الإيراني على أيدي «الحرس الثوري» تحديداً، وليس «حزب الله»، ينبعان، بحسب المحلّل الإسرائيلي، من ظاهرة باتت تثير قلق إسرائيل، وهي «تمركز سلاح الجو التابع للحرس في سوريا، لهدف واحد ووحيد هو تنفيذ هجمات إرهابية ضد إسرائيل بالطائرات من دون طيار والصواريخ والقذائف».
وضمن السياق، قال المحلل بن يشاي إنه «على ما يبدو، فإنّ الإيرانيين لن يعتمدوا هذه المرة حصراً على حزب الله أو غيره من (الرسل)، بل يستعدّون للتصرف بمفردهم، بقيادة سليماني الذي كان أول من بادر إلى هذه الخطوة الاستراتيجية»، في إشارة إلى تمركز سلاح الجو التابع لـ«الحرس» في سوريا. وبحسب المحلل، فإنّ القواعد الإيرانية الموجودة في أكثر من منطقة، تملك «طائرات مسيّرة عن بعد، تستخدم بعضها لجمع معلومات استخبارية وللاستطلاع، وأخرى مسلحة بهدف مهاجمة أهداف من الجو».
أمّا بالنسبة إلى المجموعة الثانية من أسلحة الدفاع الجوي الإيراني في سوريا فهي، بحسب الصحيفة العبرية، عبارة عن «صواريخ أرض ــ أرض قصيرة ومتوسطة المدى، بما في ذلك صواريخ (فاتح 110) و(فجر 5)، وصواريخ (شهاب) الباليستية التي يبلغ مداها أكثر من 1300 كيلومتر، والقادرة على الوصول من طهران إلى تل أبيب».
في سياق الحديث عن الاستعداد الإسرائيلي للضربة الإيرانية، يشير بن يشاي إلى أنّ هذه ليست المرّة الأولى التي تحدث فيها مواجهة بين إسرائيل وإيران، إذ سبق أن اغتالت إسرائيل مجموعة مقاومين في القنيطرة السورية عام 2015، بينهم مسؤول إيراني رفيع المستوى، وكذلك جهاد مغنية»، نجل القائد الشهيد عماد مغنية. وقبل حوالى شهرين، اكتشف سلاح الجو الإسرائيلي اختراق طائرة إيرانية مسيّرة للأجواء الفلسطينية، فقام بقصف «مركبة القيادة التي تحركت منها الطائرة، وكان في داخلها مقاتلون إيرانيون». وقد تطورت المواجهة في حينه، وامتدت حتى إسقاط سلاح الجو السوري بصواريخ «سام»، طائرة «F-16» إسرائيلية.
ولكن هذه المرّة، بحسب بن يشاي، فإن إيران «ستقود المهمة» بنفسها، إذ إنها تفرّغت منذ دخول روسيا للمشاركة في الحرب السورية للتخطيط للهجوم على إسرائيل، وهو ما تظهره بوضوح مواقع تمركزها في الساحة السورية وانتشار قواعدها في أكثر من مكان، وصولاً إلى هضبة الجولان السورية المحتلة.



«صاحب المنظار المغلق»: جبهة الشمال سيّئة جداً
«ندرك كيف تدار العمليات ومتى يحين وقت الذهاب إلى الحروب؛ مع ذلك، عندما تتحوّل الجبهة الداخلية إلى العنوان المركزي، تصبح الأمور أعقد بالنسبة إلى إسرائيل». صاحب الكلام هو وزير أمن العدو الأسبق عمير بيرتس الذي قاد جيشه الحرب على لبنان عام 2006، وقد أدلى به اليوم تعليقاً على تخوّف تل أبيب من ضربة إيرانية محتملة.
بيرتس الذي اشتهر بصورة تذكارية وهو يحمل منظاراً مغلقاً ينظر من خلاله إلى لبنان، قال إنّ «وضع الجبهة الشمالية سيّئ جداً». وأضاف «(أنا) قلق جداً من وضع الجبهة الداخلية، ومن موقعي كرئيس للجنة الفرعية لحماية الجبهة الداخلية في لجنة الخارجية والأمن، أقول إن الوضع في الشمال سيّئ جداً، ولا تصلح مقارنته مع الجنوب المحصّن على نحو مكثّف، إذ لا يوجد بيت إلا إلى جانبه ملجأ».
ورأى بيرتس أن «القبة الحديدية غير كافية»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تعاني في جبهتها الداخلية، في منطقة الشمال، من نقصان استثنائي في كافة المنشآت المدنية». ورغم أنه بعد عدوان تموز 2006 تقلصت الفجوات وازداد عدد الملاجئ العمومية «تغيّرت أنواع الأسلحة والذخائر التي من المفترض أن تستهدف مناطق مأهولة، ويجب أن نسأل إذا كان الأسد عاد حقاً إلى إنتاج السلاح الكيميائي وهل علينا بالتالي توزيع الكمامات على السكان... هذا أحد الأمور التي على الدولة مراجعتها وأخذها في الحسبان».