التخوّف من حرب تجارية هو المسألة المحورية لقمة مجموعة الـ20 التي انطلقت أولى اجتماعاتها أمس في بوينس آيرس. ظهر التوتر جلياً في تصريحات ممثلي الدول الأعضاء حيال كيفية الفهم والتعاطي مع سياسات الولايات المتحدة الحمائية وفرضها ضرائب جمركية على الحديد والألومنيوم. ورغم أن هذه السياسات تستهدف الصين بالدرجة الأولى (إضافة إلى التحقيق الأميركي في ممارسات الملكية الفكرية الصينية)، ترى العديد من الدول أن من شأنها أن تنفجر في وجههم، لأن هذه الضرائب تضرّ الاتحاد الأوروبي أيضاً، ما يضعه في موقف حرج.ولم تنته اجتماعات أمس باتفاق الأعضاء على طريق موحد، ومن المتوقع أن تظهر هذه التوترات في البيان الرسمي الذي سيصدر عن المجموعة اليوم. وفيما يحذر المتخوفون من أن سياسات أميركا الحمائية ستضر النمو في العالم، يرى عدد من الاقتصاديين أن هذه مبالغة، وأن «الخطر الحقيقي يقع في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم». ويتوقع هؤلاء أن الضربة ستكون قوية على الصين وألمانيا لاعتمادهما الكبير على التصدير. وفي حين أن بكين تعمل على قلب اقتصادها إلى اقتصاد استهلاكي داخلي، فإن أكثر من نصف حجم اقتصادها حالياً يأتي من الصناعة والتصدير، وقد تكون السياسات الأميركية المنبثقة من التحقيق في ممارسات الملكية الفكرية الصينية بمثابة ضربة قوية. وفي تصريح لوزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير، بدا أن الألمان يرون هجوم الرئيس دونالد ترامب على «الفائض التجاري» الألماني، محاولة لتقسيم أوروبا، وهو ما يناسب الولايات المتحدة من ناحية أنها لا تريد عقد أي اتفاقات تجارية مع مجموعات، واتحادات، بل تريد اتفاقات ثنائية مع دول. وقال ألتماير إنه «لا يمكن أن يكون تقسيم أوروبا من مصلحة الولايات المتحدة، كذلك فإنها لن تنجح في ذلك».
ولكنه استدعى الإصرار الأميركي على فرض الضرائب الجمركية، ردّاً من قبل الاتحاد الذي كان يدرس احتمال فرض ضرائب على عمالقة التكنولوجية الأميركية كآبل، وغوغل، وأمازون. وسيعلن الاتحاد إجراءاته اليوم الأربعاء بعد انتهاء القمة. وبطبيعة الحال، لكون ألمانيا تهيمن على الاقتصاد الأوروبي وسياساته، يصعب على دول الاتحاد الباقية أن تعارض قراراتها. ولكن من المعتاد أن تضع فرنسا مسافة بينها وبين ألمانيا، وهو ما فعله مفوض فرنسا للاتحاد الأوروبي، بيير موسوفيتشي، برسالته إلى وزير الخزانة الأميركية، ستيفن منوشين، في تعليق على الإجراءات الأوروبية، قائلاً: «ليست هذه المقترحات مبنية على طلب فرنسي، ولا هي رد ضد الولايات المتحدة»، مضيفاً: «لقد عملنا على هذه المقترحات لشهور، بالتشاور مع شركات رقمية، والأوروبيين، ومنظمة التعاون والتنمية، وشركائنا الدوليين، من بينهم الأميركيون». ولكن جاء الرد من منوشين: «تعارض الولايات المتحدة بشدة أي مقترحات من دول تهدف إلى الاستفراد بالشركات الرقمية».

«العملة الرقمية» لا تهدد النظام المالي

طمأن رئيس مجلس الاستقرار المالي، مارك كارني، وزراء المالية في قمة الـ20، إلى أن العملة الرقمية ما زالت لا تشكّل تهديداً للنظام المالي العالمي، «ولكن يمكن أن تتطور الأمور مع زيادة استخدامها، وشدة ارتباطها ببقية القطاعات المالية». وركّز تحذير كارني على الاستخدامات الممكنة للعملة الرقمية في تمويل «الإرهاب، وغسل الأموال، والنشاطات غير المشروعة». ورأى أن الحل الأمثل اليوم لتقليل المخاطر هو «تحسين سلوك الأسواق وسلامتها، والمرونة الإلكترونية في قطاع العملات الرقمية». وفيما دعت الولايات المتحدة وفرنسا إلى العمل على صياغة قوانين تنظيمية لاستخدام العملات الرقمية، فإنه ليس من المتوقع أن يحصل ذلك خلال القمة التي تنتهي اليوم.
(الأخبار)